السؤال: حاولتم في كتاباتكم الحديث عن ضرورة الدرس الفلسفي، أليس هناك فرق بين نفي الحجية عن العقل ونفي الحاجة إليه، فننتصر للثاني ونرفض الأوّل؟ (رائد الصدر، من العراق).
الجواب: العقل حجّة ونحن بحاجة إليه، وإلا فكيف نثبت جهازنا المعرفي ونظامنا المنطقي؟! وكيف نثبت ما يسبق النصّ من المبدأ والنبوّات وغير ذلك؟! بل كيف تقوم عمليّة فهم النصّ نفسها دون بناءات فلسفيّة مسبقة؟! علماً أنّ البحث الفلسفي لا يختصّ بالقضايا الدينية إلا في بعض الموارد حيث يتداخل مع ما يقدّمه النص، وإلا فالفلسفة مثل سائر العلوم تبحث في قضايا مستقلّة حول الوجود وظواهره العامّة، فإذا كنّا بحاجة لفهم ما يجري في المجرّات البعيدة ونمتدح مثل هذه العلوم، فلماذا لا نمتدح البحث الفلسفي الذي يحاول دراسة ظواهر الوجود العامّة التي تقوم عليها الكثير من العلوم، وكذلك ظواهر المعرفة العامّة؟! ويهمّني أن أشير إلى أنّني لا أقصد من الفلسفة مدرسةً بعينها، ولست مدافعاً عن اتجاه بخصوصه، وإنّما الحديث هنا عن مجمل النشاط الفلسفي الإنساني في الشرق والغرب عامّةً في مجالي الوجود والمعرفة معاً.