السؤال: هل دور المعصوم الأساسي هو تزويد الناس بالمعرفة والإرشاد؟ وهل هذه القيادة المعرفيّة تستلزم دائماً إلى جانبها قيادةً سياسيّة؟ حسب معرفتي فإنّ دور المعصوم هو دور معرفي بالدرجة الأولى للأخذ بيد المجتمع الإنساني وإيصاله إلى كماله، كما ورد عن الإمام علي عليه السلام في بيان وظيفة الأنبياء عليهم السلام: (ويثيروا لهم دفائن العقول). فما هو رأيكم؟ (خديجة، من الكويت).
الجواب: ليس هناك مانعٌ من أن يكون للمعصوم دوران: ديني ودنيوي، أو فلنقل معرفي وسياسي، فإنّ السياسة تساعد أحياناً على نشر القيم الدينية، فكيف إذا كانت بيد المعصوم؟! وأما ضرورة الخلافة السياسية أو مستندها، فهذا ما نحتاج فيه إمّا إلى الرصد التاريخي للظروف المحيطة بهذا المعصوم أو ذاك ممّا قد يفرض تصدّيه وولايته السياسية أو إلى النصوص التي نصّت على رسالة الرسل أو خلافة الأئمّة، فهل كان ظاهرها البُعد السياسي أم مطلقاً؟ مثلاً حديث الثقلين ربما يدّعي شخصٌ أنّه ظاهرٌ في المرجعية الدينية والعلمية، أمّا حديث الغدير فربما يدّعى ظهوره في المرجعية السياسية، فالمسألة تابعة لمراجعة هذا النصّ أو ذاك، لنرى كم هي درجة الإمامة ومساحتها التي أعطيت للإمام من قبل الله ورسوله. نعم، بالنسبة لنا اليوم تمثل المرجعية الدينية والعلميّة لأهل البيت حاجةً مباشرةً وفاعلة؛ لأنّ المرجعيّة السياسية لهم غير منشّطة الآن بشكل كامل، ولعلّه لهذا ينقل عن السيد البروجردي أنه كان يفضّل في هذا العصر محاورة أهل السنّة في حديث الثقلين؛ لتأكيد المرجعية المعرفيّة لأهل البيت عليهم السلام، وتخطّي حديث الغدير كونه يعالج ـ إلى جانب بُعده العقدي ـ حدثاً تاريخياً سياسياً، قد يفتح النقاش فيه البابَ على تأزّم العلاقات بين المسلمين، فوجهة نظره هذه رحمه الله ـ وفقاً لما ينقل عنه ـ تحاول أن تتخذ طريقاً أقرب لتكريس مرجعيّة أهل البيت في الأمّة.