السؤال: ما هو المعيار في ان يكون اللباس شرعيّاً؟ وما هو رأيكم في أنواع اللباس التي صارت رائجة اليوم للمحجّبات وتحاول أن تسير على الموضة؟ وهل هناك لباس خاصّ طرحه الإسلام؟ (فاطمة، السعودية).
الجواب: المعيار الذي وضعه الإسلام للباس المرأة هو أن يكون ساتراً للجسد ـ إلا الوجه والكفّين والقدمين، على خلاف بين العلماء في هذه الثلاثة ـ ولا يحكي عمّا تحته فلا يكون شفافاً؛ لأنّه إذا كان شفافاً فلا يصدق عنوان الستر وعدم إبداء الجسم كما اُمرنا في الكتاب والسنّة، ولكن لا تقف مسألة لباس المرأة عند حدود ستر جسدها، بل هناك عنوانٌ آخر جاء الحديث عنه في النصوص الدينية، وهو عنوان التزيّن أو إبداء الزينة، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهنّ..) وقال: (غير متبرّجات بزينة)، ويقصد به أن لا تظهر المرأة بطريقة أو بلباس يصدق معه عرفاً أنّها متبرّجة ومزيّنة، فقد يكون اللباس ساتراً لكنّه صُمّم بطريقةٍ ملفتة تثير الغرائز للناظرين فيلتفت إليها الآخرون وتصبح محلّ نظر غير صحّي وغير سليم في هذا الإطار، وكلّ من ينظر إليها يقول بأنّ هذه المرأة أو الفتاة تظهر مزيَّنةً، وهذا يعني أنّ لدينا ـ وللتوضيح ـ عنوانان: الأوّل هو الستر للجسد، والثاني هو عدم التزيّن، وأنّه لا يكفي الالتزام بواحد منهما بدل الآخر، ويوجد عنوان ثالث يذكره الفقهاء وهو عنوان أن لا يصدر من المرأة ما هو بطبيعته مثير للغريزة لافتٌ للنظر الشهويّ إليها، وهذا يعني أنّ المعيار في لباس المرأة وظهورها هو ستر الجسد ستراً لا يصاحبه تزيّن عرفاً ولا إثارة نوعيّة للغريزة. لهذا لابدّ من تذكير الفتيات اليوم بهذه المعايير كي لا يحصل انجرار خلف ألوان (الموضة) السائدة، فيُستر الجسد لكنّ تأثيرات اللباس تصبح أقوى من تأثيرات الجسد نفسه، فننقض الغرض من وراء الحجاب وفلسفته، وهو التحصين الأخلاقي والحماية الذاتية للمرأة.
لكنّ هذا كلّه لا يعني أنّ الإسلام لديه لباس خاصّ بعينه أو يفضّل نوعاً خاصّاً من الملابس، بل القضية تتبع العرف والزمان والمكان شرط الحفاظ على العناوين الثالثة المشار إليها، فالإسلام دعا للستر والحشمة والعفاف، لكنّه لم يحدّد لنا شكل اللباس الذي يفترض بالمرأة أن ترتديه، وإنّما ترك هذه القضية لعادات وتقاليد الشعوب في لباسها، والذي يحصل أنّ بعضنا يستأنس ببعض أشكال اللباس؛ لأنّه اعتاد عليه في ثقافته الاجتماعية، فيقوم بربطه بالمفهوم الديني، ويتعامل مع من لا يأخذ بفكرته تعامله مع من يواجه المفهوم الديني في قضايا الحشمة والعفاف، وهذا خطأ فليس لأحدٍ الحقّ في إلزام الغير بشكل خاصّ من اللباس. كما أنّ الإسلام لم يلزم المرأة بالخروج بمظهرٍ سيء أو قبيح أو منفّر أو قذر، كما يفهمه بعض الناس، بل أفتى به غير واحدٍ من فقهاء بعض المذاهب الإسلاميّة، بل أراد لها وللرجل أيضاً أن يظهرا بمظهر لائق يحترم شخصيّتهما، ويحفظ موقعهما الاجتماعي، ويمنحهما الثقة بأنفسهما، غايته ضمن إطار العناوين الثلاثة السابقة.