السؤال: بعد تحرير الأرض في لبنان قدّمت الدولة تعويضات لمن تضرّر منزله أثناء الحرب، وقسم كبير من الذين تقدّموا بهذا الطلب سجّلوا أنّ المنزل يحتوي على شقّتين، وهو خلاف الواقع، وبالتالي حصلوا على تعويضين من الدولة، فهل من إشكال في المبلغ الذي اُخذ، مع العلم أنّه تمّ إعادة بناء المنزل بهذا المال؟ وما حكمه وحكم الصلاة فيه؟ وهل يجوز لابن المالك أن يبني فوق المنزل المذكور؟ (حسن الحاج، لبنان).
الجواب: الكذب حرام شرعاً، والإعلام بأنّ المنزل كان شقّتين كذبٌ واحتيال لا يجوز في الشريعة الإسلاميّة، ومع الأسف فما أكثر هذه الحالات التي وقعت دون ترخيص خاصّ من الحاكم الشرعي، بل قد سمعنا عن حالات وقعت حتى من بعض المتديّنين رغم نهي الحاكم الشرعي لهم عن ذلك! والعلم عند الله. أمّا المال فلا يجوز التصرّف فيه إلا بإذن الحاكم الشرعي المخوّل بذلك ـ خصوصاً أو عموماً ـ اجتهاداً أو من قبل الفقيه المقلَّد، ومع الإذن تترتّب الآثار الطبيعيّة على هذا المال، فتجوز الصلاة في البيت، ويمكن البناء فوقه وغير ذلك. وأمّا إذن الحاكم ومبرّراته فهو يخضع لدراسته للواقع مع مقاربة نظريّته الفقهية للموضوع، فقد يكون هناك ما يبرّر له الترخيص للناس في هذا الأمر والتصرّف بالمال، كما لو كانت الدولة ظالمةً في حقّ شعبها سارقة وناهبةً لحقوقه الطبيعيّة، فقد يرى الحاكم أنّ هذه فرصة لأخذ الناس المقهورين بعض حقوقهم المسلوبة منهم، وارتفاع مستوى عيشهم الذي سلبتهم إيّاه الدولة الفاسدة بطاقمها الموغل في الفساد. وعلى أيّة حال فهذا الأمر يرجع للحاكم الشرعي أو لمجلسٍ من الفقهاء وأهل الخبرة يكون مطلعاً على الجهات المتنوّعة لهذا الموضوع، وله صلاحيات البتّ فيه، ولا يكفي فيه مطلق فقيهٍ ليست له دراية بالموضوع وملابساته الميدانيّة وتأثيرات موقفه على المستوى الاجتماعي والسياسي والأخلاقي والاقتصادي، بل ما يبدو لي هو أنّ مثل هذا الفقيه عليه هو أيضاً أن يرجع للحاكم الشرعي الذي يملك مؤهلات هذا الموقف علماً وعملاً.