السؤال: في سورة العصر، وضع الله تبارك وتعالى الإنسان في دائرة الخسران، ثم حدّد أربعة شروط للخروج من هذه الدائرة، وهي الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحقّ والتواصي بالصبر. أمّا في سورة التين فقد ردّ الله الإنسان إلى أسفل سافلين، ثم وضع شرطين فقط للارتقاء عن هذه المنزلة السفلى، وهما الإيمان والعمل الصّالح. كيف نفهم هذا الاختلاف في الشروط؟ (ياسين بوجلبان).
الجواب: نفهمه في إطار طبيعة البيان العربي الذي لا يقوم على لغة فلسفيّة توحي هنا بمفهوم الشروط والعلل وتداخلاتها، فالتواصي بالحقّ والتواصي بالصبر أنموذجان من العمل الصالح؛ لأنّهما من مصاديق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تعدّ من أبرز تطبيقات العمل الصالح على مستوى علاقة الجماعة فيما بينها، ولعلّه أرادت سورة العصر إبرازهما لأهميّتهما، كما هي الطريقة البيانية البلاغيّة العربيّة التي شرحها علماء البلاغة، من أنّ ذكر الخاصّ بعد العام وبالعكس قد يكون الهدف منه أحياناً هو تمييز هذا الخاص وبيان أهميّته. وما ذكره علماء البلاغة هو أمرٌ وجدانيٌّ نلمسه في طريقة البيان العقلائيّة عموماً حتى خارج اللغة العربية، فأنت تقول: أكرم أولادك والصغار منهم، وتريد التركيز على أهمية إكرام الصغار منهم. هذا فيما اكتفت سورة التين بالإطار العام للعمل الصالح كما اكتفت الكثير من الآيات الأخرى بهذا الإطار، فلا تنافي بين السورتين، بل هي أساليب البيان وطرائق التعبير والإشارة.