السؤال: هل يجوز النظر إلى باطن فم المرأة الأجنبيّة؟ وهل هو ممّا يُعفى عنه ويحسب مع الوجه واليدين فيجوز النظر إليه أم لا؟ فهذه مسألة ابتلائيّة حيث إنّ المحادثة مع أيّ امرأة يصاحبها عادةً النظرُ إلى باطن فمها؟ (علي ص، لبنان).
الجواب: يرى بعض الفقهاء أنّ المستثنى ممّا يجوز النظر إليه من المرأة الأجنبيّة هو ما ظهر منها، وباطن الفم ليس مشمولاً لذلك، ولهذا كان السيد الخوئي يحتاط وجوباً في ذلك، ومثله الشيخ جواد التبريزي والشيخ محمد إسحاق الفياض، وربما لهذا أيضاً كان الشيخ التبريزي يتحفّظ على ذهاب المرأة عند طبيب الأسنان مع إمكان الذهاب إلى الطبيبة. بل احتاط السيد الخامنئي وجوباً في نظر المرأة إلى باطن فم الرجل الأجنبي أيضاً.
ولعلّ المستند في ذلك هو عدم صدق عنوان (ما ظهر منها) على باطن الفم، أو الشك في صدق هذا العنوان فيكون باطن الفم مشمولاً لعموم التحريم في المستثنى منه. وربما ـ على ذلك ـ يتوقّع احتمالاً أن يتحفّظ هؤلاء العلماء عن النظر إلى وجه المرأة لو كان به جرح بحيث ظهر منه باطن الجلد، أو لو حلقت المرأة حاجبيها فظهر ما تحتهما (طبعاً في كلمات بعض الفقهاء بعض المداخلات على الاستدلال بآية الزينة على حرمة النظر إلى مواضعها من الجسد، وإنّما المراد بالزينة هو ما تتزيّن به المرأة خاصّة).
وقناعتي الشخصيّة هي الجواز، فأسنان المرأة ولسانها وباطن الفم ممّا يظهر عادةً ونوعاً عند الكلام يشمله عرفاً عنوان ما ظهر منها بناء على شمول الآية لمواضع الزينة ولعموم جسد المرأة، لاسيما مع عدم وجود تحريم شرعي للكلام مع المرأة، نعم النظر بشهوة غير جائز ولو لظاهر الوجه، والتفصيل بين باطن الفم وظاهره في هذه الأمور يبدو لي تدقيقاً غير عرفي، فمن يجيز الحديث مع المرأة والنظر إلى وجهها يُفهم منه عرفاً عدم التحفّظ على موضوع ظهور باطن الفم بالطريقة المتعارفة على الأقلّ، وإلا لبيّن ذلك أو لظهرت أسئلة في هذا المجال من المتشرّعة، وربما لما قلناه لم يفتِ مثل السيد الخوئي بالحرمة هنا، بل احتاط وجوباً فقط، ولعلّ مقصود المتحفّظين هنا خصوص ما لا يظهر عادةً عند الكلام فلا يشمل مثل الأسنان، والله العالم.