السؤال: ذُكروا أنّ من خصائص الشريعة الإسلامية أنه لا تعطيل لأحكامها.. سؤالي هو ما مدى دقة هذه العبارة؟ هل فعلاً لم تُعطل أحكام الشريعة في ظرف من الظروف تقديماً لمصلحة ودرءاً لمفسدة؟ أذكر أنني قرأت بأنّه بعد الثورة الإسلامية في إيران عطّل حكم أخذ الجزية من أهل الذمة!.. (بهبهاني، من الكويت).
الجواب: إذا كان المقصود أنه لا تعطيل لأحكام الشريعة كلّها، فهذا صحيح؛ لأنّ شريعة الإسلام باقية إلى يوم الدين بحيث لا تنسخ كما نسخت الشرائع السابقة، وأما إذا كان المقصود تعطيل بعض الأحكام، فإذا أريد تعطيلها بلا مبرّر فهذا أيضاً لا يجوز، لكنّ تعطيلها مع وجود مبرّر لا بأس به؛ لأنّ المبرّر في الحقيقة هو حكمٌ شرعي آخر قدّمناه على الحكم الشرعي الأوّل الذي عطّلناه مؤقتاً، مثلاً نحن نلغي حرمة شرب الماء النجس إذا كان المريض مضطراً إلى شربه، فحرمة شرب الماء النجس عطّلت هنا، لكن لصالح حكم شرعي آخر من داخل هذه الشريعة، وهو حكم أنه قد رفع ما نضطرّ إليه، وهذا ما يعبّر عنه الفقهاء بأنّ العناوين الثانوية مقدّمة على العناوين الأولية، فهذا النوع من التعطيل لا ضير فيه؛ لأنّ مآله في الحقيقة إلى عدم التعطيل.