السؤال: شيخنا، إذا كان النبي أو الإمام معصوماً من جميع النواحي، في الصغيرة والكبيرة، من الخطأ والاشتباه والنسيان، لا يترك مستحباً ولا يفعل مكروهاً، وأرسل إلى الناس نذيراً وبشيراً وهادياً وسراجاً منيراً، ولا يمكن أن يرتكب الخطأ وإلا انتفى الغرض من بعثته كما ندّعي، وهو يعرف ذلك قطعاً، إذاً لماذا يخاف من ارتكاب الذنوب، ويبكي خوفاً من ذلك؟ وإذا كانت ذنوبهم ليست كذنوبنا، مع أنّ الإمام عليه السلام يتكلّم في أدعيته عن نفس ذنوبنا، ولا يشير إلى موضوع الالتفات إلى الكثرة، فما الداعي إلى هذا البكاء الطويل على ذنوب ليست بذنوب؟ إلا على طريقة المتفوّقين دائماً لا يقبلون أقلّ ممّا هم حاصلون عليه، وهم دائماً في حالة تكامل ولا تراجع حتى في التكامل، ولكنّ هذه الحالة لا تستدعي هذا البكاء الطويل من الليل وحتى الصباح!! من الممكن أن نقول: هم في حالة تحدٍّ دائم وشوقٍ عارم للقاء المحبوب وبكاء دائم شوقاً للقاء المحبوب؟ ثم شيخنا بغضّ النظر عن عالم المادّة والخيال والمثال، هل ثمّة أناس وصلوا إلى هذه المقامات؟ وهل المطلوب منّا أصلاً أن نصل إليها؟ (كمال، سلطنة عمان).
الجواب: من حيث المبدأ ومن الناحية النظريّة، لا مانع من البكاء الطويل والشديد على ذنوبِ مراحل الكمال العالية، أو خوفاً من الوقوع فيها، والإنسان الطموح يدرك ذلك ويعرفه، وجرّب ذلك من نفسك بحسب شدّة طموحك للشيء الذي تقصده، علماً أنّ المقصود والمنشود هنا شيءٌ لا كبقية الأشياء. نعم الإشكال الرئيس في كلماتك هو أنّ الأدعية لا تشير ـ غالباً ـ إلا إلى نفس الذنوب التي نعرفها نحن، لا إلى ذنوبٍ من نوعٍ خاص، وهنا لا مفرّ ـ بعد إثبات العصمة إثباتاً حاسماً ـ من أن يدّعي القائل بالعصمة بوجود المجاز، فالزنا ـ مثلاً ـ كما يكون للفعل المعروف، يكون للعين ويكون للقلب، وهكذا.. أو يفترض أنّ هذا ليس من المجاز اللفظي، بل هو من باب وجود مصاديق متعدّدة للكلام وتجليّات مختلفة له.
هذا، والعرفاء يقولون بأنّهم سلكوا هذا الطريق وعبروه، ولكنهم لم يصلوا إلى كلّ المقامات التي بلغها المعصومون. ولا يحكم الشرع بوجوب طيّ هذه المقامات، لكنّه يحبّذها بالتأكيد بناء على واقعيّتها.