السؤال: أودّ الحصول على نصيحة من جانبكم الكريم، تعينني على ما أنا فيه، نظراً لما وجدت فيكم من حكمة ورجاحة عقل رغم قصوري, وأودّ أن أعرض عليكم هذه الحالة؛ لعلّكم تفيدونا بما أنعم الله عليكم. فقد تزوّجتُ بامرأةٍ تكبرني بحوالي العشر سنوات بعقدٍ مؤقّت، منذ ما يقارب السنة، وقد توطدت العلاقة جداً، وتعلّقت بها، ثم تفاجأنا بإصابتها بمرضٍ لن تشفى منه، بل هو في حالة متقدمة جداً، ونظراً لسرّية الزواج المؤقّت لم أعد أتمكّن من المكوث جنبها, مع العلم أنّ زوجتي الأولى تعلم بعلاقتي بها منذ فترة، وقد تأقْلَمَت بشكل مبدئي مع الموضوع, وبدأتُ بالتفكير بالزواج بها بشكل دائم فيما تبقّى لها من العمر، ولكنّ عقلي الآن ما بين سندان مشاعري تجاهها ورقيّ هذه العلاقة، ومطرقة المجتمع الذي يرفض الزواج الثاني، فكيف به إذا كانت تكبرني بهذه المدّة. نأمل أن تنصحونا، ولكم جزيل الشكر.
الجواب: إنّ الجانب المهمّ ـ أخلاقيّاً واجتماعيّاً ـ في هذه القضيّة هو أسرتك الأولى وزوجتك الأولى، فإذا لم يكن في زواجك الثاني أيّ ضرر يلحق بأسرتك الأولى، ولم تكن فيه موجبات انهدام تلك الأسرة، وكانت الزوجة الأولى متفهّمةً لهذا الموضوع، وكنت تشعر بأنّك قادر على العدل في النفقة والتعامل مع الزوجتين والأولاد وإعطاء الجميع حقوقهم الشرعية والدينية، فإنّ الإقدام على الزواج الثاني المشار إليه ـ لاسيما في ظلّ الظروف التي ذكرتموها ـ يبدو أمراً مقبولاً.
وأمّا المجتمع، فمن حيث المبدأ لا أجد لزوماً للإصغاء لكلام الناس، فالناس من طبعها أن تتكلّم على كلّ شيء، وما دمت مع زوجتك متفهّمين للأمور وقادرين على الدفاع عن النفس، سواء اقتنع الناس أم لم يقتنعوا، فإنّ كلام الناس لا قيمة له، فلا ينبغي لنا التوقّف عن الإقدام على فعل الخير الذي نتمكّن منه لمجرّد أنّ الناس لا يعجبها ذلك بنحوٍ مزاجي، لاسيما مع إمكان توضيح مبرّرات موضوعنا للناس، بل الناس لا يجوز لهم شرعاً تناولك أو غيبتك أو بهتانك أو نقدك بطريقة جارحة أو مُهينة أو تحمل سخريةً، سواء في محضرك أم في غيابك، وعلى كلّ إنسان أن يلزم نفسه ولا يتدخّل فيما لا يعنيه، ولأنّنا لا نطبّق هذه القيم الدينية والأخلاقية تكثر فينا المشاكل الاجتماعية القائمة على حشر أنوفنا فيما لا يعنينا من قضايا الناس، وعدم احترام الخصوصيّات الأسرية والعائلية والشخصيّة للآخرين، فوحدة الحال الاجتماعيّة الموجودة بين بعضنا تبلغ أحياناً حدّاً غير مقبول، رغم حُسنها المبدئي.
نعم، هذا الكلام مبدئي، لكنّه من الضروري أن تدرس ظروفك الخاصّة بدقّة وتأثيرات كلام الناس على بعض الأمور المهمّة شرعاً وأخلاقيّاً، وإلا فمن حيث المبدأ لكلّ إنسان حريّة ما يفعل ويقتنع به، ووفقاً للصورة التي قدّمتموها فإنّ ما تُقدم عليه هو عمل خير وحسن، شرط أن لا يترك تأثيراً سلبيّاً على الأسرة الأولى كما أشرنا قبل قليل، وأمّا البتّ في القضيّة بنحوٍ جزئي وتفصيلي فيحتاج لمتابعة أكثر ـ لاسيما من حيث تأثير ذلك على علاقتك مع والديك ـ حتى لا نُطلق الكلام العام دون دراية بملابسات الأمور بدقّة، فنكون كمن قال بغير علم والعياذ بالله.
الشيخ الفاضل هل احتمالية انهدام الأسرة الأولى (مانع شرعي) من تعدد الزواج ؟ وهل يحق للزوجة استخدام هذا السلاح (بطلب الطلاق) لمنع الزوج من الإقدام على هذه الخطوة كون طلب الطلاق خطوة لهدم الأسرة ؟