السؤال: أحييكم شيخنا العزيز على أطروحاتك الفذّة. مع أنني أدرس طبّ الأسنان في بريطانيا، وهي تأخذ من وقتي الكثير والكثير ولا أملك سوى القليل للاطلاع الثقافي الفكري، ولكنّي مصمّم على قراءة جميع كتبك ومقالاتك. ولديّ سؤال بالنسبة لمقالتك حول (أزمة الحبّ والإيمان، نظرة أوليّة في الموقف من العلاقات العاطفيّة)، فإنّ ما فهمتُه هو أنك تقول بأنّ الحبّ الذي ينبع من غريزة جنسية هو ليس بحبّ وإنما شهوة. ولكن في المقابل هناك حبّ فعلاً خالٍ لا يفكّر المُحب فيه بالجنس، وإنّما يفكّر بكيان البنت التي يحبّها، فتراه لا يفكر جنسيّاً حواليها وإنما يستمتع بوقته معها في اكتشافها ومعرفتها أكثر. كيف يكون الحبّ بين البنت والولد خصوصاً المراهقين مشروعاً؟ حيث إنّه لابدّ من مزاحٍ ولقاء وكلام بينهما، وقد يتطوّر إلى لمسات وقبلات؟! (أ. الشمالي، بريطانيا).
الجواب: اللقاء بين الشاب والفتاة، وكذلك التحادث وبعض المزاح، ليس بحرام في الشريعة الإسلامية، إنّما الحرام هو النظرة الشهويّة واللمس والقبلة وما زاد عن ذلك، وكذلك سفور المرأة أو لبسها لباساً مثيراً للغرائز أو تلاعبها بصوتها بما يثير غريزة الرجل، أو التحادث في موضوعات تثير بطبيعتها الحسّ الغريزي عند الطرفين أو أحدهما، أو القيام باي فعلٍ من أحد الطرفين لا يؤمَن معه من الوقوع في الحرام، وأعتقد أنّ الثقافة الغربية قد بلغت بنا حدّاً لم نتمكّن بعده من تصوّر حبٍّ عذري، لا قبلة ولا لمس فيه، مع أنّ من سبقنا كانوا يعيشون هذا الحبّ، بل وإلى يومنا هذا يوجد هذا الحبّ بين كثير من المحافظين. وإذا أخذنا بنظرية المذهب الإمامي في تحليل الزواج المنقطع (المتعة)، فإنّه يمكن أن يكون الذي ذكرتموه ويقع عبر هذا العقد المؤقّت، شرط أن لا تكون له مضاعفات سلبية أخرى. ويهمّني أن أشير إلى أنّ هذا الحبّ لو صاحبته حالات تخيّل جنسي ـ لا حالات نظر جنسي، وهناك فرق بينهما ـ فيوجد وجهة نظر فقهيّة لا ترى حرمة مجرّد التخيّل الجنسي ما لم يفضِ إلى حرام، فلو أنّ رجلاً تخيّل امرأةً تخيّلاً شهويّاً دون أن يكون هذا التخيّل في حالة النظر إليها أو التماسّ المباشر معها فإنّ هذا التخيّل لا يكون حراماً من وجهة نظر بعضهم حتى لو لم تكن هذه المرأة زوجته، وهكذا الحال في المرأة لو تخيّلت رجلاً ولو مع شهوةٍ وتلذذ منهما؛ لأنّه لا نملك أيّ دليل على حرمة هذا التخيّل في حدّ نفسه، وإنّما دلّت الآيات والأحاديث على حرمة النظر واللمس وما شابههما أو زاد عليهما، ومن هؤلاء الفقهاء الذين يقولون بهذا الرأي السيد السيستاني والسيد الخوئي والشيخ جواد التبريزي وغيرهم.