السؤال: ما هو حكم ممارسة الجنس مع المحارم كالأم؟
الجواب: هو حرام مطلقاً بلا خلافٍ يُعلم فيه بين علماء الإسلام، وهو زنا وفاحشة، بل يذهب كثير من علماء المسلمين من المذاهب المختلفة، وقد يكون إجماعاً، إلى أنّ عقوبة الزاني بأحد محارمه هي القتل، أو الضرب بالسيف آخذاً منه ما أخذ، فإن قتله السيفُ وإلا حُبس حتى الموت. ويظهر من بعض الكلمات المرويّة عن بعض الصحابة والتابعين و.. أنّ هذه العقوبة ترتبط بكونه قد ارتدّ عن الإسلام؛ لوضوح هذه الحرمة في الدين الإسلامي. وقد وردت بعض النصوص ـ كخبر أبي بصير ـ التي تؤكّد أنّ هذا الفعل أعظم ذنباً من سائر أنواع الزنا. وهناك بعض التفاصيل الفقهيّة في هذا الموضوع يمكن مراجعتها في كتب الفقه الإسلامي. وهذا كلّه يشي بحجم عظم هذا الذنب وضرورة التحرّز منه، وإن كان عندي تحفّظ استدلالي على العقوبة التي قرّرها مشهور الفقهاء فيه، حيث قد يترجّح أنّ عقوبته الجلد فقط.
ومن الضروري الانتباه لمخاطر هذه الظاهرة عبر السعي لنشر العفّة داخل البيت، فلا ينبغي للأخت ـ مثلاً ـ وهي في مقتبل العمر وأخوها شاب في عنفوان الشباب، أن تلبس ما لا يليق ويكون موجباً لتهييج الشهوة بشدّة ولو كانت تظهر أمام أخيها، وكذلك مسألة الاختلاط في النوم على فراش واحد، حيث ورد في بعض النصوص رجحان التفريق بعد بلوغ سنّ معينة كالعشر سنوات، وكثيراً ما لا تلتفت المرأة أو الفتاة لتصرّفات قد تكون عفويّةً ولا تنتبه لكونها مؤثرة غريزيّاً في الرجال، فهذه الأمور الصغيرة عندما نتنبّه لها ـ لاسيما من قبل الأهل ـ يمكنها أن تساعد في حماية الأخلاق والأسرة، ولا يمكن للقوانين ولا للدول أن تواجه هذه الظواهر بمفردها، بل العنصر الأهم في هذا الملفّ يرجع لكل من يتولّى الشؤون التربويّة، مثل الأهل والأقارب والمدرسة والجامعة والأندية الكشفيّة والرياضيّة وأمثال ذلك، فعندما يتعاون هؤلاء لزرع الروح العفيفة في الأولاد وحمايتهم بشكلٍ واعٍ وهادئ، يمكن أن نحمي مجتمعاتنا والإنسان من السقوط في مهاوي هذه الرذائل، وحماية أنفسنا والأسرة والكيان الاجتماعي من التفكّك إن شاء الله، أمّا لو بقي الأهل يفهمون التربية على أنّها إطعام وإشراب وكسوة، وبقيت المدرسة أو الجامعة تفهم وظائفها على أنّها مجرّد التعليم أو التلقين، وغابت التربية بأبعادها المتنوّعة عن التعليم، فسوف ينتج عن ذلك جيلٌ يواجه الكثير من المشاكل. والأهل والمدرسة هم بأنفسهم يحتاجون لدورات تدريبية وتعليمية في كيفية مواجهة هذه الظواهر عند الجيل اللاحق بطريقة حكيمة وواعية تحتوي الأمور ولا تواجهها لمجرّد المواجهة، وتأخذ في نظرها المقاصد والغايات لا الانفعال والعصبية والتوتر فقط، وعندما نوفّر للأهل مثل هذا الوعي الحاصل من نقل الخبرات والتجارب، فنحن نقوم بإنجاز كبير، ونخفّف من حجم المخاطر القادمة.
يُشار إلى وجود سعي اليوم يروّج له في بعض الأوساط الفاسدة أخلاقيّاً وتربويّاً عبر الشبكة العنكبوتيّة (الأنترنت) وغيرها، لترغيب الشباب بممارسة الفحشاء مع المحارم أو على الأقلّ كسر الحواجز النفسيّة أمام مثل هذا الأمر، وهذا أمر يحتاج لتوحيد الجهود لمواجهته بالطرق الحكيمة والهادئة القائمة على وعي عميق بالأمور، وعلى رؤى استراتيجية تملك عمق البصيرة ورزانة التفكير وهدوء الأعصاب.