السؤال: كيف يفسّر العلماء المسلمون قوله تعالى: (أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج: 46)، مع أنّ القلوب التي تعقل وتدرك مجرّدة غير ماديّة، والقلب الذي في الصدر ليس سوى قطعة لحم؟ (أبو يوسف، من سلطنة عمان).
الجواب: يوجد أكثر من تخريج لهذه الآية الكريمة عندهم، أكتفي بذكر اثنين منها:
الأوّل: إنّ ذلك من المجاز في النسبة، فقد نُسب القلب إلى الصدر مجازاً.
الثاني: ويمكن أن يكون تفسيراً وتعميقاً للأوّل، وهو أنّ كلمة الصدر في اللغة تطلق ويراد بها ذات الإنسان، وكأنّ الآية الكريمة تريد أن تقول: إنّه تعمى العقول التي جعلت فيكم وكوّنت وجودكم، وإنما ذكر الصدر للمقابلة مع العين؛ لأنّه عندما نفى العمى البصري عنهم أراد إثبات نوعٍ آخر من العمى، وهو عمى البصيرة، فذكره، ولكي يُبعده عن الجانب الظاهري من الإبصار الذي يكون في الوجه والعين، ذكر الصدر ليشير إلى الجانب الباطني من الإنسان؛ لأنّ الصدر باطنٌ في الجسد، فيكون المعنى: إنّ عيونكم وإن كانت تبصر بالإبصار الظاهري المادي، لكنّ قلوبكم وذواتكم وعقولكم لا تفقه ولا تعقل، بل هي عمياء بالعمى الباطني المستكنّ في أعماقكم، والمشار إليها بالصدر.