السؤال: بالنسبة لمقولة أن الجزاء من جنس العمل .. هل الجزاء المقصود بالعبارة هو الجزاء الأخروي فقط أم أيضاً الجزاء الدنيوي؟ فمثلا الأقوام التي كذّبت بالرسل جازاهم الله سبحانه بالعذاب الأليم في الدنيا أيضاً.. فهل هذا الجزاء الدنيوي هو من جنس عملهم؟ لأننا لو قلنا نعم هو من جنس عملهم لكان لازماً أن يُجزى كل من عمل عملهم حتى لو كان بعد بعثة الرسول (ص)؛ لأنّ الجزاء لا ينفصل عن العمل، إلا أنّ الله سبحانه يقول: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم" فهذه الآية توحي بأنّ العذاب الدنيوي منفصل عن العمل بحيث يمكن رفعه؟!
الجواب: الجزاء يمكن تصويره وكأنّه معلول له علّة، والعلّة لها أجزاء ثلاثة كما عرفنا في الفلسفة، فهناك المقتضي وهو ارتكاب الذنب، وهناك الشرط وهو العمدية والعلم مثلاً حال ارتكاب الذنب، وهناك عدم المانع وهو الاستغفار، والحالة التي جاءت في الآية الكريمة المشار إليها راجعة إلى وجود المانع عن نزول العذاب الدنيوي، وهذا المانع هو وجود الرسول فيهم أو استغفارهم، ولهذا كان يطلب من بعض الأنبياء قبل نزول العذاب أن يخرجوا من القرية، ولعلّ هذا الطلب ليس لتجنيب الرسل نزول العذاب عليهم فحسب، بل لرفع المانع عن نزول هذا العذاب على العاصين والذي قضى به الربّ تعالى، وفكرة أنّ الجزاء من جنس العمل تختلف عن فكرة حتمية الجزاء في الدنيا بمجرّد تحقّق العمل.