السؤال: نحن نقول: إنّ الإنسان يبدأ بالإيمان بالله، أي مبدأ التوحيد، ومن ثم نقول: إنّ حق معرفة التوحيد لايتم إلا عبر الإمام عليه السلام، وعبر الإيمان بالإمامة، ألا يختزن ذلك الدور؟ وألا تكفي المعرفة والثقافة القرآنية في ذلك؟ (كمال، من سلطنة عمان).
الجواب: لا يأتي الإشكال الذي ذكرتموه هنا؛ لأنّ الدور إنّما يكون عندما نقصد بالتوحيد الأوّل عين المعنى الذي نقصده بالتوحيد الذي يعرفه الإمام ونعرفه عبره، والحال أنّ الأمر ليس كذلك، فالمقصود بالتوحيد الأوّل أصل التوحيد الذي ندركه بالعقل والبرهان، وربما أدركناه أيضاً بالقرآن، أما المراد بالتوحيد الذي يكون عبر الإمام أو النبيّ فهو حقّ التوحيد، أي الإدراك المعمّق للتوحيد بأعلى مستوياته؛ لأنّ التوحيد وفهمه ليس أمراً واحداً بسيطاً، بل هو أمر نسبي طوليّاً أيضاً، بمعنى أنّ البشر يختلفون في وعي التوحيد، فالمتكلّمون مثلاً قالوا بالتوحيد العددي، أي أنّ الله واحدٌ مقابل اثنين وثلاثة وأربعة، أما مدرسة صدر المتألهين الشيرازي الفلسفيّة فقالت بالوحدة الحقّة الصرفة، وهي أعمق من التوحيد العددي. وحتى من الناحية العملية فتارةً يكون الإنسان موحّداً لله نظريّاً، وأخرى يقع في الشرك الخفيّ، ففهم التوحيد له مراتب، وأولى مراتبه تدرك قبل معرفة النبيّ والإمام، لكنّ مراتبه العليا تدرك بمعرفتهما ومن خلالهما.
وأما كفاية القرآن الكريم، فلا مانع من ذلك من حيث المبدأ، لكن قد يقال لك بأنّ فهم القرآن فهماً معمّقاً لأعلى مراتب التوحيد أمرٌ في غاية العُسر والصعوبة، فنحتاج للمعصوم كي يوضحه لنا، من نبيٍّ أو إمامٍ.