السؤال: أعمل في مؤسّسة إسلامية، وأعاني من مشكلة مع زملائي في العمل، حيث إنّ هناك الكثير من الإهمال من قبلهم وقلّة المسؤولية تجاه العمل، مما ينعكس على براءة ذمّتهم تجاه المؤسّسة, وقد حاولت في الكثير من المرّات أن أنصحهم بشكل مباشر أو غير مباشر، ولكن ليس من نتيجة، ومما يظهر أنهم لا يجدون أنفسهم إلا أنّهم مصيبون في تصرّفهم للأسف. سؤالي هو حول الشكوى للمسؤول المعنيّ عن هؤلاء الموظفين, فإني في تردّد وحيرة، فمصلحة العمل في جانبٍ وحرصي على عدم أذيّة أحدٍ في جانب، فرغم كلّ شيء فإني أحبّ كلّ من حولي، لكن يجب اتخاذ قرار في هذا الموضوع، فأرجو منكم النصيحة المثلى ولكم الأجر والثواب.
الجواب: تارةً نتكلّم عن مسؤوليّتك تجاههم، وأخرى نتكلّم عن مسؤوليّتك تجاه المؤسّسة وعملها، فأمّا عن مسؤوليّتك تجاههم فهي تنبيههم إلى خطئهم في تقديرهم للأمور، لأنّ الذي يبدو من سؤالكم أنّهم لا يرون أنفسهم مرتكبين لخطأ أو جرم أو مخالفة قانونية، وفي هذه الحال ينبغي إرشادهم وتنبيههم لما هم فيه، وذلك عبر الطرق الهادئة المتزنة والأساليب الجديرة المقنعة، فإذا نفع ذلك معهم كان به، وإلا فليس عليك من حسابهم من شيء، ولا تتحمّل وزر عملهم.
وأمّا مسؤوليتك تجاه العمل نفسه، فإذا كنت أنتَ المسؤول عنهم، ومن ثمّ ستكون مسؤولاً عن ضبط عملهم وتتحمّل مسؤوليتك هذه أمام المسؤول الأرفع منك في العمل، ففي هذه الحال، إذا لم يستجيبوا لك فإنّ مقتضى الواجب عليك في إدارة العمل إدارةً حسنة، بموجب عقد العمل بينك وبين ربّ العمل، هو رفع تقرير بهم إلى الجهات المختصّة؛ إذا لم يعد يمكن الإصلاح بغير هذه الحال؛ لأنّ من وظائفك أن يسير العمل على شكل صحيح، ولا يمكن ذلك إلا عبر هذا الطريق حسب الفرض، إلا أنّه لمّا كان زملاؤك مخطئين في التقدير وليسوا مقدمين على هذا الفعل مع علمهم بخطئهم، لهذا يحسن أن يكون تقريرك ـ أو أيّ وسيلة ضغط أخرى عليهم ـ مراعياً لهذا الجانب، فليس من طَلَب الحقّ فأخطاه كمن طلب الباطل فأصابه. وأمّا إذا لم تكن أنت المسؤول عن عملهم، وكنت مجرّد زميل لهم، فلا يلزمك اتخاذ مثل هذه الإجراءات ما لم تكن من ضمن المتفق عليه في عقد العمل، وعليك نصحهم بالحسنى، أو تشجيع ربّ العمل على التدقيق والمحاسبة والمراقبة، أو القيام بمبادرات في المؤسّسة تستطيع التأثير عليهم دون الإضرار بهم، أو تهديدهم بإخبار ربّ العمل إذا كان في التهديد كفاية وتأثير أو غير ذلك، وإذا استطعت إخبار الجهات المعنيّة مع قدرتك على حثّ هذه الجهات على اتخاذ إجراءات نافعة لا تضرّ بالزملاء فهو جيّد أيضاً.