السؤال: ما هي آراء الفقهاء باختصار في مسألة البنوك الربوية وطريقة عملها؟ وكيف يمكن لنا أن نحلّ أزمة التعامل معها في هذا الزمن؟ (أحمد، من سلطنة عمان).
الجواب: لعلّه يمكنني أن أوجز أبرز الاتجاهات الفقهيّة الموجودة اليوم فيما يخصّ قضيّة البنوك والعمل المصرفي، على الشكل التالي:
الاتجاه الأوّل: وهو اتجاه التكييفات الفقهيّة والتخريجات القانونيّة، وهو يرى حرمة الفائدة البنكية؛ لانطباق عنوان الربا عليها، لكنّه يحاول التخلّص من مآزق الواقع القائم من خلال إبداء تخريجات فقهيّة للكثير من المعاملات القائمة توجب تغيّراً في عنوانها من الحالة الربويّة إلى معاملات أخرى مشروعة، وهذه هي الحالة الغالبة لدى الفقهاء المعاصرين.
الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه الذي يرى ـ على عكس الاتجاه الأوّل تماماً ـ أنّ الفائدة البنكيّة ظاهرةٌ مستجدّة حادثة في حياة البشر، وهي مختلفة مالياً واقتصادياً عن ظاهرة الربا التي عرفها التاريخ وحرّمتها النصوص الدينية، ومن ثم فهذه الظاهرة الجديدة محكومة بالحليّة من حيث المبدأ، ولسنا بحاجة إلى أيّ تخريج فقهيّ إضافي لتحليلها.
الاتجاه الثالث: وهو الاتجاه الذي يحاول أن يفصّل في الموضوع، فيرى أنّ الربا الحرام هو نوعٌ خاصّ من أخذ المال والفائدة في القروض، وليس كلّ قرض جرّ نفعاً فهو حرام، وكمثال على هذا الاتجاه ما ذهب إليه بعض الفقهاء والباحثين المتأخّرين من أنّ الربا الحرام هو الربا الاستهلاكي الذي يكون المقترض فيه مقدِماً على أخذ القرض لكي يستهلكه، ممّا يعني أنّ المقترض فقير أو ضعيف فيما المقرِض قويّ وغني، أمّا الربا الاستثماري كما في حالة أخذ البنوك للأموال لاستثمارها لا لاستهلاكها، أو أخذ التجار والشركات القروض من البنوك للغرض عينه، فليس مشمولاً لأدلّة حرمة الربا.