السؤال: هل يجوز للرجل الزواج من فتاة مع أنّ أهله لا يريدونه أن يتزوّج بها؟ هل هناك مانع شرعي من أن يتزوّج الرجل دون رضا والديه؟ مع العلم أنّ الفتاة محجّبة ومتديّنة ومن نفس البلد والدين والمذهب، والشاب يعرفها، وقد وعدها بالزواج منذ ستّ سنوات (نور الهادي).
الجواب: يجوز للولد الذكر البالغ العاقل الرشيد الزواج من أيّ فتاة يرغب في الزواج منها ويجوز له في أصل الشرع أن يتزوّج بها، وهذا أمرٌ لعلّه يمكنني أن أقول بأنّه اتفاقيٌّ بين العلماء، عملاً بأصالتَي: البراءة وعدم ولاية أحد على أحد إلا ما خرج بدليل. ولا يشترط في جواز زواجه ولا صحّته إذن أحدٍ من أهله، لا الوالدين ومن علاهما ولا الإخوة ولا غيرهم. لكن من المناسب له أن يأخذ موافقة والديه أو لا يكون في زواجه مخالفتهما، وأن يحاول تليين قلبهما. نعم في بعض الملابسات الاجتماعيّة والحالات القليلة النادرة يجب التنبّه لعدم كون ذلك مصداقاً شرعيّاً لعقوق الوالدين وأذيّتهما والعدوان عليهما، فيصبح حراماً، وإن صحّ الزواج لو أقدم عليه الابن، فإنّ اللازم هو ترك عقوق الوالدين لا وجوب إطاعتهما في كلّ شيء يطلبانه، لكنّ عدم إطاعتك لهما يجب أن يكون مصاحباً للأسلوب المرفق بحالهما، فلا يصاحبه شجار أو رفع صوته عليهما أو إبراز العناد الموجب لأذيّتهما، بل يخبرهما بكلّ هدوء بأنّني لا أريد مخالفتكما، لكنّني مقتنع بما أفعل، وأتمنى أن توافقا عليه، وأنّني خادم لكما في أيّ أمر آخر تطلبانه، وغير ذلك من الأساليب الرحيمة التي توجب براءة ذمّته أمام الله والمجتمع، وحبّذا لو يوسّط أحداً يمكنه أن يليّن قلبهما وإن لم يوافقا على الزواج.
من جهة أخرى، من المناسب للوالدين أن يوافقاه على فعله إن لم يكن هناك موجبٌ منطقي وموضوعيّ للرفض، وأن يتعاليا على بعض الاعتبارات الوهميّة التي تصنعها الأعراف، ولا يكون لها في المنطق والشرع أصل، فإنّ فعلهما هذا نوعٌ من البرّ بولدهما وإعانته وتسهيل أمره، ففي الحديث النبوي: (رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما) (الكافي 6: 48). نعم لو كان رفضهما لاعتبار منطقي موضوعي أو شرعي فلا بأس أن يُبدياه.