السؤال: إنّني بحاجة ماسّة لمساعدتكم وأخذ بعض النصائح من حضرتك، فأنا فتاة متزوّجة منذ ثلاث سنين, وسعيدة ومرتاحة ولله الحمد، لكن في بعض الأحيان تطرأ على بالي ذكريات سيّئة منذ أيّام المراهقة, فقد كنت أتخاطب مع عدد من الشباب إلى فترةٍ ما, وتمادت تلك العلاقات إلى أن أصبحنا نتحدّث في أمور محرّمة, ولم أترك هذا الشيء إلا بعد اكتشاف الأهل لي. فقد كنت أستهين بالأمر, كنت صغيرة مراهقة, وربما الصحبة السيّئة أثرت في ذلك, وتوفّر الحاسوب الآلي في المنزل بدون رقابة شجّعني، علماً بأنّني قد صحوت وانتبهت لما كنت أفعله، وتبت إلى الله وتركت كلّ شيء وراء ظهري، وبدأت حياة جديدة, بشخصيّة جديدة وأهداف جديدة. مشكلتي هي أنّني في بعض الأوقات أشعر وكأنّي قد خدعت زوجي, وأريد أن اُخبره بكلّ شيء لكي أكون صريحةً معه, لكن ربما إخباره عن ماضيَّ سيؤثر على علاقتنا معاً وربما يصل الأمر إلى الطلاق.. أشعر وكأنّ تلك الذكريات السيّئة من الماضي تحرمني من التمتّع والعيش براحة، فقد تأتي إليّ في أيّ لحظة أشعر فيها بسعادة، فما هو الحلّ لمشكلتي؟ انتظر جوابك بأسرع وقت، وشكراً (فاطمة).
الجواب: بعد أن تاب الإنسان ودخل في مرحلة جديدة تجاوز فيها أخطاء الماضي، ليس هناك من ضرورة للتفكير مجدّداً في هذا الأمر، ولا للقلق، ولا لجلد الذات بشكل متواصل. وأمّا إخبار الزوج فهو أمر تابع لشخصيّته ومدى تقبّله ولطبيعة المجتمع المحيط أيضاً، وكثيراً ما يتسبّب هذا الأمر في مجتمعاتنا الشرقيّة بمشاكل، وليست هناك حاجة للحديث في موضوع تمّ تخطّيه إذا كان الحديث فيه قد يفتح على مشاكل، ولا يجب على الزوجة ـ لا شرعاً ولا قانوناً ـ أن تخبر الزوج بكلّ تاريخها قبل الزواج إذا لم تكن هناك حاجة، فضلاً عمّا لو كانت هناك مضرّة من وراء هذا الإخبار، نعم، الأخبار التي يكون في معرفتها المزيد من تقوية العلاقة بين الطرفين من الجميل التعارف فيها وترسيخ وحدة الحال بينهما على مستواها. لكن لا ينبغي للأزواج ـ ومطلق الشريك ـ الإصرار على معرفة كلّ التفاصيل والدخول في مساحات حرجة مع الطرف الآخر، فكلّ شخص يُقدم على الزواج يفترض أن يكون عاقلاً ومحتملاً لبعض الأخطاء التي قد تكون حصلت من قَبْل مع الطرف الآخر (ولكلّ شيء استثناء يتبع نوعيّة الأخطاء)، ولا يعدّ هذا الأمر خيانةً للزوج أو الزوجة، وبعض أعرافنا لا حاجة لمراعاتها أساساً ما لم تنطلق من وعي عقلي أو من شريعة ثابتة، لهذا لا أنصح هنا بالإخبار ولا بالتفكير بالذنب نتيجة عدم الإخبار أصلاً. بل أنصح بنسيان هذا الأمر تماماً، والانشغال بما هو أهم وأجدى. وأخشى أن يكون تذكّر هذا الأمر راجعاً في اللاوعي إلى بقاء ترسّبات تلك السلوكيّات في النفس، فبعض الناس يستذكرون الذنب فيشعرون بأنّهم يلومون أنفسهم على الماضي، وهم في الحقيقة يعبّرون في لا وعيهم عن الخوف من كونهم ما يزالون ميّالين لذلك الذنب مجدّداً، فليُنتبه لهذا الأمر جيّداً.
بالاضافة الى ما تقدم به سماحة الشيخ فمن المفيد ان نضيف انه حتى في المجتمعات الغربية فثمة مصدر موثوق اخبرني انه في بعض الصفوف التي تعقد هناك لأجل اعطاء نصائح حول العلاقة بين الرجل والمرأة .ينصحون المرأة بأن تتجنب اخبار شريكها عن اي علاقة ممكن ان تكون اقامتها مع رجل سابق حتى لو كان ظاهر الحال عدم ممانعة الرجل عن ذلك كما هو المتعارف في مجتمعاتهم.وهذا امر مطابق لنصوص الشريعة (الا في بعض الحالات التي تدخل في شروط العقد كالبكارة) ولتعلم الأخت الفاضلة انه قد يكون هناك الكثير في ماضي الرجل لا يخبر عنه زوجته ايضا. فما من احد الا وهو بحاجة الى الستر على ما قدمت يداه. وستكتشف الأخت الفاضلة بعد مرور زمن على علاقتها الزوجية ان المهم هو كيف يتصرف الزوجان بعد الزواج لا قبله