السؤال: أحد الأشخاص بحث عن الأعلم بين مراجع الدين داخل العراق وخارجه، ولم يتمكّن من الوصول إلى نتيجة تطمئنه، إذ إنّ الشهادات متعارضة، بين من يشير إلى أعلميّة زيد على عمرو، وترجيح عمرو على بكر، وهكذا، حتى عاش دوّامة التيه ولم يصل إلى نتيجة، حتى على مستوى من يظنّ أعلميّتهم لا القطع بها أو أنّها مخيّرة بين زيد وعمرو. ولهذا، ذهب إلى الإمام علي عليه السلامن وسأل الله بحقّ أمير المؤمنين وبحقّ يوم المبعث النبوي ـ وهو اليوم الذي قصد فيه هذا الشخص مرقد الإمام علي ـ وتوسّل إليه، أن يمنّ عليه ويدلّه على من يقلّده كأن يريه شاهداً على ذلك في داخل ضريح الإمام علي وما شابه، بعد أن تعب كثيراً طيلة سنوات، وعاش التيه في هذه المسألة. وبعدما سأل الله تعالى بنية صادقة متوسّلاً بالإمام عليّ شاهد داخل الحضرة العلوية أحد الاشخاص الذين يمتّون بصلة إلى واحد من مراجع الدين، وقتها لم يعتبر هذه إشارة حاسمة، فقد تكون من قبيل المصادفة، لكنّه قام واستقبل ضريح الإمام علي عليه السلام بوجهه، وظلّ يتوسّل إلى الله تعالى أن يدلّه على من يقلّده بأيّة أمارة أو إشارة، بعدها قرّر أن يفتح القرآن الكريم ويرى السطر السابع من الصفحة اليمنى، ويدقّق في كلمات الآيات، فإذا وجد فيها ما هو قريب وفيه دلالة من قريب أو بعيد إلى واحدٍ من المراجع اعتبرها طريقة أو هداية من الله ليدلّه على المرجع الذي ينبغي عليه تقليده. وبالفعل فعندما قام بهذه الطريقة، إذا به يشاهد أنّ السطر السابع يحمل اسماً واضحا فيه دلالة كبيرة على واحد من المراجع، والغريب أنّ هذا الاسم ـ المرجع ـ هو المرجع نفسه الذي قد رأى أحد ذويه في داخل صحن الإمام علي قبل قليل من ذلك. وعليه، هل يمكن اعتبار ذلك حجّة شرعية تفيد الاطمئنان خاصّة بهذا الشخص، لتقليد المرجع الديني الذي ظهر له اسمه أو قريب من هذا الشيء في القرآن الكريم مع مشاهدته أحد ذويه قبل ذلك، أو أنّها لا تعدّ حجّة شرعية، وأنّ ذلك من قبيل المصادفة التي لا يمكن التعويل عليها؟ (الصحافي منتصر الطائي، مدير تحرير جريدة ديوانية الغد، العراق).
الجواب: موضوعيّاً لا تمثل مثل هذه القرائن مبرّرات علميّة لإثبات شيء خارجي، سواء كان الأعلميّة أم غيرها، فهل تجد من نفسك إمكانية الحكم على شخص بالزنا أو السرقة أو نحو ذلك من مثل هذه الطرق؟ لكن إذا كان الشخص قد حصل له اليقين الجازم فهذا شأنه، بل ومن أدرانا بأنّ أعلميّة مراجع آخرين لم تثبت بمثل هذه الطرق أيضاً، فيحصل التعارض بين الشهادات، فقد سمعنا منامات وحكايا كثيرة في هذا المجال، فالأفضل بالإنسان أن يعتمد الطرق العقلانيّة الثابتة في الشريعة الإسلاميّة لإثبات مثل هذه الأمور، ولا داعي لكلّ هذا القلق والحيرة والتيه، ولنخفّف عن أنفسنا، فإذا لم يثبت مرجع فقلّد من تدور الاحتمالات بينهم، فالحلول الفقهيّة موجودة، بل لقد سبق لي مراراً أن تكلّمت عن حجم الطاقة الهائلة التي نصرفها من وقتنا وتفكيرنا وأعصابنا وجدالاتنا حول قضيّة الأعلميّة، فليُترك كلّ إنسان ونفسه، ولتعتمد السبل المحدَّدة في الفقه الإسلامي، فهي لا توصل إلى طريق مسدود حتى نقع في حيرةٍ وتيه. ولعلّ الأفضل أن ننشغل بالتوجّه إلى الله وعبادته، وحلّ مشاكل الناس، والقيام بالمشاريع الخيرية والتطوّعية، ونشر الوعي والفضيلة، ومحاربة مختلف وسائل تدمير تراث هذه الأمّة، وهناك لو نتوجّه إلى الله فلعلّه يعيننا، ونخرج من حال إلى حالٍ أفضل، إنّه وليّ قدير.