• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
60 أيّ منهج نتّبع في الإصلاح: المداراة أم الإفصاح؟ 2014-05-12 0 2307

أيّ منهج نتّبع في الإصلاح: المداراة أم الإفصاح؟

السؤال: حين يحار المرء بين بيان ما يعتقده صواباً والتصريح به وبين مجاراة من حوله ـ ولو يسيراً وفيما هو ممكن ـ بقصد الأخذ بأيديهم بدل الوقوع في مواجهة نتيجتها رفضك من البداية، خاصّة داخل البيت الشيعي، معتقداً أنّه أسلوب دعوة وخطاب على قدر عقولهم (ولعلّه يمكن تسميته بالتقية المداراتية المرحليّة المؤقتة)، كما هو حاصل من بعض الشيعة تجاه إخوتهم المسلمين السنّة، حين تكون في مثل هذا الموقع ماذا تختار؟ ما السبيل الشرعي الصحيح؟ لك محبّتي ودعائي (خليفة).

 
الجواب: هذا السؤال ليس جديداً، بل هو القلق الذي كان يعيشه الكثيرون من الذين حوصروا داخل مجتمعاتهم. ما الذي ينبغي فعله في الحالات السيئة لا في الوضع الطبيعي؟ هل أستمرّ في قول ما أراه الحقّ والصواب، فيكثر أعدائي وخصومي، أم أمارس المداراة والمجاملات فأعيش بانتظار تغيّر الأمور التي يفترض أنّها تنتظرني ـ كإنسانٍ عامل ـ لتتغيّر؟! هل أنتظر حتى يصبح لي نفوذ فأشرع بالتغيير، أم أشرع بالتغيير لكي أوفّق ليكون لمشروعي نفوذ؟! أسئلة ـ وصدّقني أخي العزيز ـ محيّرة جدّاً في الواقع العملي، وكلا طرفيها شهدنا له تطبيقات مأساويّة. كثيرون انتظروا الظروف فماتوا دون عمل ولم تأتِ الظروف، وكثيرون حاربوا الظروف فأماتتهم في حسرةٍ وكمدٍ، فرحلوا دون نتيجة! معاناة بين قطبي العمل والنتيجة، بين قطبي الجدوى والعبثية، معاناة يعيشها الداعية والمصلح والناقد والعالم والعامل ما شئت فعبّر، ولكلّ خيار من الخيارين حججه الدينية والعقلانيّة.

بالنسبة لي لا أجد أنّ هناك جواباً مطلقاً لهذه التساؤلات، بل القضية متغيّرة بنفسها، تبعاً للمعطيات الزمنيّة، لكنّني ـ ومن فحوى تجربتي الشخصيّة وتجربة الكثيرين ممّن رأيت في حياتي، ومن فحوى قراءتي المتواضعة للواقع ـ أجد أنّ مرحلتنا لم تعد تتحمّل المداراة والسكوت، إلا في حالات محدودة جدّاً. أعتقد أنّ إرضاء الواقع والجمهور والعامّة من الناس لا فائدة منه. إنّني أعمل ما فيه قناعتي، وأريد أن يعرفني الناس كما أنا، لا كما يحبّون أن يروني، فلست بحاجة لجمهور يهتف لي وهو في الحقيقة يهتف لشخص آخر تخيّلوه مكاني ولست أنا هو، لا أريد جمهوراً كبيراً يهتف لغيري وهو يهتف لي، بل أريد جمهوراً قليلاً يهتف لي بحقّ. إنّ الكاتب أو العالم أو المثقّف أو غير ذلك ليسوا مرشحي انتخابات حتى يهتمّوا بعدد الأصوات وعدد الناخبين لهم، وليس فوزهم بعدد الاصوات. ما يهمّ هو أن يُقال الحقّ حتى لو رفضه كلّ الناس، وحتى لو رفضوك لأجله. ما فائدة أن يكثر معجبو مشروعك ولا يكون بينهم منتمٍ حقيقي للمشروع؟! هؤلاء لن تجدهم إلا مصفّقين حيث لا تضحية وحيث لا عمل.

أغلب أولئك الكبار الذين غيّروا التاريخ فكّروا بهذه الطريقة في البداية، ونحن نحترمهم الآن لأنّهم نجحوا وصاروا قوّة واقعيّة، ولو عشنا لحظات عُسرهم ومصابهم وشدّتهم لما كنّا معهم، راجعوا ما حصل معهم في تلك اللحظات، وكيف تعامل الآخرون ـ وحتى الحريصون عليهم ـ معهم، هل كانوا أقوياء أم ضعفاء بالحساب المادّي؟! هل كان محمد باقر الصدر قويّاً بالحساب المادي وهو يفدى كالكبش الذي جرّ إلى مذبحه جرّاً والكلّ ينظر إليه دون كلمة أو تعليق؟! هل هناك مصيبة ومأساة أعظم من هذه؟! لكنّها مرّت ونُسيت وساد منطق: قتل سيدُنا يزيد سيدَنا الحسين! هذه هي الحياة، وهذا هو منطقها، وهذا معنى مقولة الإمام الحسين عليه السلام: «الدين لعق على ألسنتهم». ينتظرك الناس لتكسب المعركة ليقفوا معك، لكنّهم لن يشاركوا فيها ـ ولو للحظة واحدة ـ دون ضمانات في الربح، ودون ضمانات في عدم الخسارة، وكأنّه توجد معارك في الحياة من هذا النوع! وكأنّ الكبار الذين ربحوا جولاتهم لم يخسروا في البدايات ولم يكن لمواقفهم خصوم! منطق سوريالي غير واقعي أبداً، والعجب أنّ هؤلاء جميعاً يتحدّثون عن الإمام الحسين وكيف أنّه ليس المهم تحقيق منجزاتك بالبقاء، بل المنجز يتحقّق بالرحيل والشهادة والتضحية والخسارة المادية والثبات على المواقف المبدئية مهما كلّف الثمن! منطقٌ يريد أن يقنعك بأنّه يؤمن بالتغيير لكن عبر نهج السكوت واللاتغيير، مفارقات عجيبة رأيناها، تكشف تناقض ذواتنا وازدواجيّتها، حسناً لو كان هذا الأسلوب غير صحيح، فأين أنت من التغيير؟! دعنا نرى منجزك التغييري بالأسلوب الصحيح! لست سوى واحد من التكريسيّين الذي يسعون لبقاء الوضع على ما هو عليه، لكنّهم قد ينطقون بكلمات التجديد والتغيير والإصلاح عند الحاجة أو لاستمالة جمهور التجديد نفسه، فأين تجديدك وتغييرك؟ وماذا فعلت لتحسين الأوضاع التي تنتقدها ليل نهار في سرّك دون علانيتك؟ إذا كان نهج الآخرين خاطئاً فأين هو الأنموذج الذي قدّمته أنت؟! لسنا مع المتهوّرين لكن إذا مشينا خلف الدبلوماسيين فليدلّونا على مكان حقّقوا فيه منجزاً على هذا الصعيد. فالخميني والصدر وشريعتي ومطهري و.. كلّهم إمّا طردوا أو هوجموا أو كفّروا أو فسّقوا أو حورب أنصارهم أو شقّوا الصفوف، ونحن الآن نتنعّم بجهادهم ثم نلعن نهجهم الأوّل الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه؟! ألم يقرؤوا معاناة مطهري وما لاقاه حتى فرّ إلى طهران؟ ألم يقرؤوا معاناة الصدر الذي رحل والغصّة في حلقه ألماً وحزناً؟! إذا لم نعتبر هؤلاء من التكريسيّين لأنّنا نحسن الظنّ بهم، فلا أقلّ أنّهم لا يؤمنون بالتغيير حقيقةً، ولا يرون في واقعنا أيّ مشكلة! وهذا خلاف نظري نحترم وجهة نظرهم فيه، لكنّنا نختلف معهم.

يحدّثونك عن العالم المثقف الذي قرأ كذا وكذا من الكتب، والمطّلع على الفكر الشرقي والغربي، وأنا أصدّق ذلك رغم كوني بطيء التصديق بالقصص والحكايا، وقد رأيت بعيني نماذج من هؤلاء، لكن ما حاجتي لهذا العالم المثقف عندما يكون ما يظهر منه (وما هو إثباته وليس ثبوته حسب اصطلاح الأصوليين) لا يزيد عن أيّ عالم تقليدي لا يقوم بنشاط يُذكر؟ بالنسبة لي كمتديّن عادي ما أهميّة ثقافته لنفسه؟ بالنسبة لي ما يعنيني هو أين ثقافته؟ وأين هي انعكاساتها الفكرية والخطابيّة والتربوية والعلمية والثقافية والعمليّة؟ إنّ ثقافته شأنٌ له، أمّا ما هو شأني فهو أن أراها. أحد العلماء المشايخ الكرام الذين أجلّهم وأحترمهم جداً، وهو من أساتذة البحث الخارج في مدينة قم، موسوعةٌ مذهلة في الثقافة، وناقد لا حدود لنقده لوضعنا القائم، مع منهج محافظ وحريص في الوقت عينه، اُقرّ وأخضع وأعترف له بذلك، لكنّه حبيس بيته لا يفعل أيّ شيء على الإطلاق، وحتى لو قمت بمبادرة تجاهه لتخرجه فلن يقبل أبداً، ماذا تعنيني ثقافته؟ فبدل هذا الجلوس، لماذا لا أراه في ساحات الفكر اليوم، وفي الردّ على انتقادات اللادينيين، وفي الحضور والتثقيف الحوزوي لشبابنا كي نقيم جيلاً واعياً؟! مفارقات غريبة، والأغرب أنّها تظهر في المناخ الديني الذي لا يؤمن بقيمة الدنيا، ويؤمن بقيمة الامتثال للتكليف، ويؤمن بالتضحية والتفاني والإخلاص وغير ذلك، ويحارب المنفعيّة الغربية والوصولية المنافقة..

قد تقول بعد هذا كلّه: هل تقصدون شيخنا أن نستفزّ الواقع ونحطّم القيد ونهاجم بالنقد كلّ المقدسات الوهميّة؟

وأجيب: كلا، ما هذا قصدت، إنّما أقصد أن نقول ما نراه الحقّ بهدوء ودون خوف، فعندما تُسأل تجيب بالحقّ، وعندما تكتب تفصح عن الحقّ ولا تكتمه، وتقول قولاً غير مستفزّ بأسلوبه وطريقته، وتعالج ما تراه في مجتمعاتنا وفكرنا باطلاً وخطأً ضمن معايير الأولويّات في الموضوعات المطروحة كما تراها أنت، فمن صارت له حساسية من العلم والبحث الهادئ فهذا شأنه، وهذه مشكلته، وعلينا أن نروّضه على أن لا ننسجم مع طريقته وحساسيته المفرطة، بل نحن ننسجم مع الحقّ. ولا نسكت عن هذا الحقّ لأنّ زيداً ينزعج وقد يمارس ضغوطاً، أو عن ذاك الحقّ لأنّ عمرواً ينزعج وقد ينفعل، أو عن ذاك الحق لأنّ بكراً لا يناسبه وهكذا. وإذا كانت لبعضنا ظروف ضاغطة في هذا الملفّ أو ذاك، فلننوّع أدوارنا فيشتغلّ كلّ واحدٍ منّا على الموضوعات التي لا تضعه في ظروف قاسية وسلبيّة وحرجة، فيما يشتغل الآخر على الموضوعات الأخرى وهكذا. نعم أنا ضدّ الاستفزاز بمفهومه العقلائي، وضدّ أن نتكلّم بطريقة تثير الناس، وضدّ تصفية الحسابات الشخصيّة، وضدّ إرباك الساحة بالعنف اللفظي والتهجّم على الأشخاص، وأنا أقبل بالتمييز بين وسائل النشر والإعلام، فليس كلّ ما يعرف يقال، وليس كلّ ما ينشر على الورق يقال في الفضائيات، هذه كلّها من حيث المبدأ أمور مقبولة، أما اذا كانت الطريقة الهادئة والموضوعيّة والعلميّة تثير البعض (فيثوّر الناس) لأنّهم غير منسجمين مع الفكرة التي نراها نحن حقّاً، فهذه مشكلتهم هم، ولا يصحّ أن نسكت عن مشروعنا لأنهم يعانون مشكلة، بل علينا أن نروّضهم على أن يعتادوا على ذلك، وعلى أن يعتادوا على الإقرار بوجود من يختلف معهم في الرأي حتى في أكثر القضايا عاطفيّةً، فلو بحثت في رواية وحلّلتها سنديّاً ومضمونيّاً بالطريقة العلمية الهادئة، وأثارهم ذلك فهذه مشكلتهم لا مشكلتي، وإذا طرحت نظريّة فقهية فأثارت الآخرين ولم يعجبهم مضمونها فهذه مشكلتهم، لاسيما عندما يكون ما يستفزّهم هو قائلها وليس مقولها، وعليهم أن يعتادوا على سماع هذه الأفكار، ومسؤوليتنا خلق مناخ الاختلاف الصحّي وتعدّد الآراء، وإذا انزعجوا منها فمن حقّهم الردّ العلمي والأخلاقي بأيّ طريقة كانا، وأنتم لو راقبتم المسارات الزمنيّة سوف تجدون أنّ كثيراً من الأمور كان محرّماً طرحه قبل خمسة عقود من الزمان، وجاء من كسر القيد هنا وهناك، وحصلت الفوضى، ثم اعتادوا، ففي البداية المفاهيم الجديدة تُحدث بلبلة، ليس في الدين فحسب، بل في كلّ العلوم هناك يسار ويمين، فمن يطرح الآن بعض محرّمات ما قبل خمسين سنة لا يواجه مشكلة؛ لأنّ هناك من عبّد الطريق قبله وفرض قواعد وتوازنات، وارجعوا إلى قائمة المحرّمات قبل عقود وقارنوا.

طبعاً، قناعتي هذه ليست قانوناً إطلاقيّاً عبر الزمان والمكان، بل هي قناعة تتصل باللحظة الحاضرة من تاريخنا في أغلب الموضوعات وليس كلّها. هذا ما أراه الأفضل، وإنّني أؤاخذ الكثير من الإصلاحيين ودعاة الوعي والبصيرة، لا سيما الإخوة الثوريين من تيارات عدّة، على سكوتهم، أو عدم تغطيتهم لمن يفصح ويتكلّم، لاسيما إذا كان من منطلقاً في بعض الأحيان القليلة من معايير انتخابية وحسابات سياسيّة، وأرى أنّ الحقّ والدين تتبعهما السياسة ولا يتبعانها. إنّني أعتقد أنّ الفكر الإسلامي يسير ـ تحت ضربات التيارات السلفية والتقليدية من جهة، والتيارات النقديّة المفرطة من جهة ثانية ـ نحو مكان مخيف، وإنّ سكوتنا عن الاثنين معاً سنُسأل عنه يوم القيامة، وأنا أخشى من أن نكون متّجهين إمّا نحو حقبة إخبارية سلفيّة إنغلاقيّة جديدة، أو نحو فراغ ديني وتلاشي إيماني عام، ربما لو سكتنا عنهما سنظلّ عقوداً من الزمن تحت وطأتهما. المهم أن نقول الحقّ، ونعمل بالطرق العقلائيّة والهادئة، لا بالطرق النفاقية أو الملتوية، ولا بمنهج المجاملات، ولا بأسلوب العنف والمهاترات، ولا بالتراشق الإعلامي العام. والله الموفق والمعين.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36833044       عدد زيارات اليوم : 13332