السؤال: ما رأيكم بالتقسيم التالي لأهل السنة: 1 ـ محبّو الأئمّة عليهم السلام. 2 ـ مبغضو الشيعة. 3 ـ بل محبّو الشيعة. 4 ـ النواصب, فهل يوجد إشكال في هذا التقسيم، لاسيما دخول القسم الأخير في القسمة؟ (محمّد الخاقاني).
1 ـ إنّ مفهوم الناصبي وقع خلاف بين العلماء فيه، من حيث كونه الذي ينصب العداء لأهل البيت تديّناً أم مطلقاً، فعلى الافتراض الأوّل ـ أي الذي ينصب العداء لأهل البيت تديّناً ـ يكون معنى الناصبي هو ذلك الذي يعتقد أنّ العداء لأهل البيت جزءٌ من الدين، وعليه فلا يشمل الناصبي من يعادي أهل البيت لمصالح دنيويّة دون وجود اعتقاد ديني بالعداء، مثل بعض الذين حاربوا أهل البيت عليهم السلام في التاريخ، وهذا ما ذهب إليه الكثير من الفقهاء. وأمّا على الافتراض الثاني ـ العداء المطلق ـ فسوف يشمل مفهوم الناصبي كلّ من عادى أحداً من أهل البيت سواء كانت معاداته له تديّناً أم لمصلحة أو خلاف دنيوي، كما لو كان أحد أئمّة أهل البيت من جيرانه وعاداه لمشكلةٍ بين جارين.
2 ـ إنّ هناك خلافاً آخر في تعريف الناصبي وهو: هل الذي يعادي أهل البيت خاصّة، أم مطلق من يعادي أهل البيت أو شيعتهم، فعلى الافتراض الأوّل يكون السنّة الذين يحبّون أهل البيت لكنّهم يعادون الشيعة غير نواصب، فيما على الافتراض الثاني يمكن إدراجهم في النواصب.
3 ـ إنّ هناك عدداً كبيراً من النصوص الحديثية عند السنّة والشيعة تركّز نظرها على محبّة أهل البيت وبغضهم، وهذه النصوص يجب التنبّه لموضوع مهم فيها على المستوى التاريخي كثيراً ما جرت الغفلة عنه، وهو أنّها تأتي في سياق مواجهة النواصب الذين ظهروا في القرون الهجرية الأولى بوصفهم فرقةً دينيّة كانت تتديّن بالعداء لأهل البيت عليهم السلام، وهذا معناه أنّ هذه النصوص ليست جزءاً من الصراع السنّي / الشيعي، بل هي جزءٌ من الصراع (السنّي الشيعي معاً) في مقابل النصب لأهل البيت، ولهذا نجدها متوفّرةً في كتب أهل السنّة؛ لأنّ العصر العباسي كان يؤمن ـ ولو نظريّاً وشعارياً ـ بمحبّة أهل البيت في مقابل المشروع الأموي الذي كان ينطلق من معاداة أهل البيت وسبّ علي وأصحابه، فالدولة الأمويّة هي دولةٌ تعلن معاداة أهل البيت وتمارسه، فيما الدولة العباسيّة تعلن الرضا والمحبّة لأهل البيت وإن مارست البغض والتنكيل في حقّهم، والكتب الحديثية السنيّة تبلورت في العصر العباسي، لهذا فسح المجال ـ في مواجهة الأمويين وفلولهم، وكذلك أنصار التفكير النصبي ـ بظهور وانتشار هذه النصوص، على خلاف الحال في العصر الأموي الذي كان يحظر استحضار نصوص تمدح عليّاً وأهل بيته في الغالب. وعليه فنصوص المحبّة بالعنوان العام ـ ولو نظريّاً بصرف النظر عن التطبيقات والأبعاد العمليّة للحبّ ـ ليست جزءاً من المعركة بين السنّة والشيعة، بل هي جزء من المعركة بين المسلمين والنواصب، فلا يصحّ إقحامها منهجيّاً ـ إلا في بعض النصوص ـ في سياق الاحتجاج على أهل السنّة بالمعنى العام، فعندما تقول الرواية بأنّ من يحب عليّاً مثلاً له كذا وكذا ومن يبغضه فله كذا وكذا فهذا الحديث لا يصحّ أن أضعه نقطة مفاصلة بيني وبين السنّي، بل هو تاريخيّاً نقطة مفاصلة بيننا معاً وبين الناصبي، نعم من حقّ هذا الفريق أو ذاك أن يطالب بتطبيق حقيقيّ وفاعل لمفهوم المحبّة بكلّ امتداداتها، وهذا غير أصل المحبّة الواردة في الموضوع مقابل البغض والكراهة لأهل البيت عليهم السلام. هذا وللموضوع مجال واسع للتفصيل لا يسعه هذا المختصر.