السؤال: قالت كاتبة معاصرة بأنّ توصيف المرأة بأنّها بلغت سنّ اليأس نوع من الذكورية الظالمة لها، وكأنّها باتت عاطلة عن الحياة والأمل والوجود والفعالية. مع أنّ الدين هو الذي وصفها بذلك، فما هو تعليقكم؟
الجواب: ليس الدين هو الذي أسّس لهذا المصطلح بمعناه العام، بل هو مصطلح قائم موجود متداول حتى خارج الدائرة الدينية وإلى يومنا هذا، وأعتقد بأنّ الموضوع تمّت المبالغة في التعاطي معه، فالدين لم يتحدّث عن سنّ اليأس للمرأة بجملة مطلقة توحي باتصاف المرأة نفسها باليأس، كلّ ما في الأمر أنّ القرآن الكريم استخدم أحد اشتقاقات اليأس للإشارة إلى حالة ما إذا لم تعد تحتمل المرأة أن يأتيها الحيض، قال تعالى: (وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً َأسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (الطلاق: 4 ـ 7)، فالآيات وردت في سياق بيان العدّة للمرأة المطلّقة، ولهذا ميّزت بين التي يئست من المحيض وغيرها على صور وحالات ذكرتها الآيات الكريمة التي فرضت هنا على الرجال المعروف وعدم الإضرار بالمرأة مطلقاً وكان لسانها لساناً رحيماً بحال النساء كما هو واضح من سلسلة الآيات، فاليأس جاء متعلّقاً بالحيض، لا بالمرأة، أي المرأة لم تعد في سنّ تحيض فيه مثلاً، وليس التوصيف للمرأة عموماً، فهذا تماماً مثل قول الشريعة: إذا يئست من الحصول على الماء وجب عليك التيمّم، فهل هذا يؤسّس لثقافة اليأس للرجل أو للمجتمع؟ وقد استخدم الفقهاء والأصوليّون المسلمون هذا التعبير عند قولهم: لا يجوز العمل بالدليل العام إلا بعد اليأس عن الظفر بالدليل المخصِّص، وليس في التعبير دلالة سلبيّة، إنّما هي عبارة وبيان أدبي عربي لتوضيح أنّ الإنسان بلغ من أمرٍ ما حدّاً لم يعد يحتمل أن يقع هذا الشيء معه. فإذا كان هذا العنوان مثيراً أو سلبيّاً فهو في التعاطي الاجتماعي العام الذي يتعامل مع المرأة على أنّها مصنع أو ولّادة أطفال فقط، أمّا التعبير القرآني المشير إلى مجرّد حالة انعدام احتمال حصول العادة الشهريّة فهذا لا يؤسّس لمفهوم اجتماعي أو ذكوري. نعم، بعض التعابير الواردة في بعض الروايات المنقولة ممّا يشير إلى شيء من توهين المرأة التي لا تلد أو العاقر العقيم سبق أن تعرّضت لها بالتفصيل في دروسي المتواضعة حول تحديد النسل في الإسلام، ولي عليها تحفّظات لا مجال للتعرّض لها الآن.
شيخنا ممكن ان توفروا لنا دروس البحث الخارج لاننا نعلم انها موضوعات معاصرة وتجيب على كثير من التساولات التي في الاذهان ….. رجاءا دكتور اجعل محاضرات البحث الخارج في متناو ل اليد لغرض التداول وتعميم الفائدة .