السؤال: كيف توصّل بعض الفقهاء إلى نتيجة تقول بأنّ أهل الخلاف (غير الشيعة) مسلمون في الدنيا، ولكنّهم كفار في الآخرة؟ كيف يجتمع الإسلام والكفر معاً؟ (كمال، مسقط).
الجواب: إنّ هذا الرأي الذي ذكرتموه وذهب إليه بعض العلماء يعني بالدقّة أنّهم كفّار في حقيقة الأمر، لكنّ جملة أساسيّة من أحكام الإسلام الفقهيّة تجري عليهم، ولا مانع من ذلك، فإنّ الشريعة يمكنها أن تُجري حكمَ المسلم على شخص غير مسلم واقعاً، لمصالح ترتئيها كحقن دماء الشيعة مثلاً، فكما أنّ حكم المسلم هو حرمة قتله، كذلك حكم الذمّي هو حرمة قتله، فالذمّي هنا لحقه حكم المسلم وتشابه فيه معه، أمّا في أهل الخلاف فإنّ ما يقوله هذا الرأي هو أنّ أهل الخلاف كفّار، غاية الأمر أنّ الشريعة فرضت علينا ـ لمصالح معيّنة ـ أن نرتّب عليهم قانونيّاً أساسيات أحكام الإسلام، من حيث التزاوج معهم، ومن حيث المعاملات ونحو ذلك، فليست القضية اجتماع الإسلام والكفر حتى يقال بأنّ لازم هذا القول هو اجتماع الأضداد، بل هم في الواقع كفّار، ولكن اُمرنا بالتعامل معهم معاملة المسلمين في الأمور الرئيسة.
وممّن ذهب إلى هذا القول الإمام الخوئي، ولهذا لاحظوا عبارته حيث يقول: (ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السبّ عليهم واتهامهم، والوقيعة فيهم أي غيبتهم؛ لأنهم من أهل البدع والريب. بل لا شبهة في كفرهم؛ لأنّ إنكار الولاية والأئمة عليهم السلام حتى الواحد منهم، والاعتقاد بخلافة غيرهم، وبالعقائد الخرافيّة كالجبر ونحوه، يوجب الكفر والزندقة، وتدلّ عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة وما يشبهها من الضلالات… نعم قد ثبت حكم الإسلام على بعضهم في بعض الأحكام فقط، تسهيلاً للأمر وحقناً للدماء) (مصباح الفقاهة 1: 503 ـ 505)، فأنتم ترون جزمه بكفرهم، لكنّه في النهاية يجري بعض (الأحكام) عليهم، لا أنّه يقول بأنّهم مسلمون.
هذا، وما بلغه علمي هو عدم صحّة هذه النظريّة التي تبنّاها العديد من العلماء، وأنّ الصحيح هو إسلام غير الشيعة ممّن يتشهّد الشهادتين، وأمّا إنكاره الإمامة فإن رجع إلى تقصيره حوسب عليه، وإلا حوسب يوم القيامة حساب المسلم أيضاً، نعم لا مانع من الاختلافات في بعض التفاصيل بما ليس محلّه هنا، والله العالم.