• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
الاجتماعية والأخلاقية التاريخ والسيرة الفقهية والشرعية الفكرية والثقافية الفلسفية والكلامية القرآنية والحديثية
# العنوان تاريخ النشر التعليقات الزائرين
84 ألا يبدو حديث الغدير أقرب إلى تصوير مسرحي مختَلَق؟ 2014-05-12 0 5415

ألا يبدو حديث الغدير أقرب إلى تصوير مسرحي مختَلَق؟

السؤال: ما مدى صحّة حديث الغدير بصيغته التي تصوَّر، وكأنّ هناك حدثاً مسرحيّاً أراد الرسول من خلاله أن يضع المسلمين ويبلغهم رسالة هامة جدّاً وأساسيّة؟ وهل يختلف هذا الحديث عن الشكاية التي قام بها بعض المسلمين ضدّ الإمام علي عليه السلام يوم كان والي اليمن من قبل الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله، أم أنّ حديث الغدير يقع في سياق هذه الحادثة وحسب؟ (محمد عباس إبراهيم، البحرين).

 الجواب: لو تسمحون لي في البداية أن أتوقّف قليلاً عند تعبير (الحدث المسرحي). إنّ أيّ رواية تاريخيّة عند المسلمين أو غيرهم، يمكن أن نفترضها حدثاً (مفبركاً) يحوي ترتيباً مختَلَقَاً من قبل الراوي أو أحد الرواة الناقلين للحدث، لكنّ مجرّد إمكانية افتراض الاختلاق أو (الفبركة) أو (المسرحيّة) لا يعني أنّ الحديث أصبح مشكوكاً في أمره (أعني مرجوحاً) أو عليه علامة استفهام قلقة، فالنصوص القرآنية نفسها أيضاً تصلح لهذا الافتراض، لو أردنا أن نتعامل معها من خارج الدائرة الإسلاميّة. وسبب توقّفي في هذا التعبير هو ما بتنا نجده اليوم ـ في ظلّ غياب الثقة بالحديث الشريف عموماً ـ من قيام بعضنا بالاكتفاء، لإسقاط قيمة حديثٍ ما، بافتراض صورة عدوانية أو مصلحيّة لناقل الخبر في الحديث الذي ينقله، مع أنّ مجرّد افتراض المصلحة لا يسقط قيمة الحديث؛ إذ يكاد لا يبقى حديث إلا ويمكن فرض هذا فيه، كما قد لا يبقى علمٌ باسم علم التاريخ بعد اليوم.

يجب أن ندقّق في استخدام التعابير عندما نتعامل مع التاريخ، وأن لا تأخذنا حالة فقدان الثقة بالنصوص، والتي سبّبتها الجدالات الطويلة بين علماء الدين أو سبّبها الإخفاق الذي نشهده هنا أو هناك للحالة الإسلاميّة، ولهذا كنت وما أزال أدعو دائماً لتوازن نفسي قبل التعامل مع الدين، يعطي شخصيّتنا رزانتها ومنطقيّتها في التعامل مع الظاهرة الدينيّة، فلا تُقْبِل على كلّ ما يقال ومن منطلق عاطفي، ولا تعيش أيضاً حاجزاً نفسيّاً مع النصوص الدينية من منطلق ردّ فعل سلبي على إخفاقات الواقع أو على الفوضى المعرفيّة التي نعيشها اليوم، والتي يتوه فيها العقل الالكتروني، ويهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربّه، فمنطلق كلّ وعي عقلانيٍّ سليم هو نفسٌ سليمة، فالعقل السليم ليس فقط في الجسم السليم كما يقولون، بل في النفس السليمة الهادئة التي لا تعيش اضطراباً، بل يمكنها ـ إذا وضعت أمام مكتبها الأوراق والوثائق التاريخيّة والدينية ـ أن تتعامل معها كأنّها تتعامل، قدر الإمكان طبعاً، مع موادّ مختبريّة لا انحياز لها ولا عليها. ولن نتمكّن من ذلك وسط فوضى المعرفة التي نعيش إلا بإصلاح النفوس قبل إصلاح العقول؛ لأنّ العقل ـ وخلافاً لتصويرات الأرسطيّين العقليين ـ ليس معلّقاً أبداً في فضاء، بل هو على صلة دائمة بالنفس وميولها وظروفها السيكولوجية والاجتماعيّة، فكلّما تعالت النفس تعالى العقل، وفي الوقت عينه فإنّ النفس تتعالى بوعي عقلي، والعظماء هم أولئك الذي يفكّرون فوق مستوى العقل الجمعي الذي يحيط بهم؛ لأنّ نفوسهم تحرّرت من هزّات وأزمات هذا العقل الجمعي.

لا ينبغي إزاء قضيّة الحديث والتاريخ أن نعيش الإفراط والتفريط، فبعضنا لو أتيته بحديثٍ ظهر في القرن العاشر الهجري، يؤيّده في المضمون بشكلٍ جزئي حديثٌ أو اثنان لا سند ولا مصدر واضح لهما، صار لديه اطمئنان ويقين، بل ادّعى لك التواتر. وفي المقابل نجد من إذا جئته ـ لتأكيد واقعةٍ تاريخيّة ما ـ بعشرات المصادر والأحاديث والطرق والأسانيد المبثوثة في كتب التاريخ والحديث عند المسلمين، فهو لا يقتنع به، لا لأنّ هناك معطى علميّاً محدّداً حال دون اقتناعه، بل لأنّ هناك حاجزاً نفسيّاً يحول دون تنامي القوّة الاحتمالية في النقل التاريخي عنده لتأكيد الحدث التاريخي أو النقل الحديثي. يجب أن نكون علميين أكثر ونسعى لتكوين رؤية عن قيمة النصوص الحديثية نابعة من جماع عناصر القوّة والضعف في النقل التاريخي والحديثي والرجالي في التراث الإسلامي عموماً.

إذا عدنا لسؤالكم، فإّنني لا أرى بوضوح كيف يمكن افتراض وجود مسرحيّة مختلقة في حديث الغدير، بل على العكس أجده حديثاً منطقيّاً. إنّ جعل تنصيب خليفة بمثابة حدث ذي وقع كبير يكون ـ كما هي الحال في الكثير من وقائع تنصيب خلفاء لملوك أو سلاطين ـ عندما تجتمع عناصر عدّة:

1 ـ وضوح النصّ الذي تمّ التنصيب على أساسه.

2 ـ اجتماع عام وإلقاء عام لقرار التنصيب على الملأ، الأمر الذي يعطي التنصيب قوّته الخاصّة.

3 ـ حدوث أمر يسبق أو يحتفّ بالتنصيب ويكون غير منسيّ، بحيث يظلّ التنصيب أمراً راسخاً في الوعي الشعبي والنخبوي، مثل أن ينادى بالقوافل بالعودة للتجمّع عند غدير خمّ حيث الملتقى لها. إنّ المسلمين في هذه الحال سوف يتساءلون عن الموضوع، وسيبدو الطلب غريباً حيث كانوا قبل قليل مع النبي في لقاءاته العامّة في مكّة ومنى وعرفة والمشعر الحرام، فعندما يتمّ النصيب في ظلّ سياق من هذا النوع فسيكون أكثر وقعاً.

4 ـ إلقاء الحجّة على الناس وأخذ إقرارها ليكون ذلك أوثق في الإلزام والالتزام، لاسيما في الثقافة العربيّة التي تعرف بشكل ما فكرة البيعة، وهذا معنى دخولهم على الإمام عليّ والمباركة له.

هذه العناصر وغيرها كما يمكن فرضها مسرحيّة من قبل الراوي، الذي استبدل تنصيب عليّ في منى أو عرفة حيث ألقى النبيّ خطبته المعروفة، بتنصيبه بهذه الطريقة في غدير خم.. كذلك يمكن أن تكون منطقيّة جدّاً، في سياق إعلان أمر بالغ الأهميّة لفترة ما بعد وفاة الرسول، وهذا يعني أنّ ترجيح افتراض كون ذلك مسرحيّة (مفبركة) من الراوي يحتاج لشواهد، إذ كلّما كان الأمر ممّا يمكن تفسيره منطقيّاً وعاديّاً (لا تبريريّاً أو تكلّفيّاً أو تأويليّاً)، وكان مترقبّاً.. كان احتمال اختلاق الراوي له غير راجح، وإن لم يكن منفيّاً للوهلة الأولى، فإذا تراكمت المعطيات السندية والمضمونيّة لصالح الحدث أمكن تدريجياً تلاشي احتمال اختلاق الصورة لصالح احتمال وقوعها خارجاً. وعليه فلا أجد في الصيغة المشتركة بين الروايات التي نقلت لنا حادثة الغدير عند السنّة والشيعة معاً غرابةً على مستوى طبيعة الأحداث. نعم هناك إشكاليّات أخرى تتصل بالموضوع نفسه، وهي كثيرة تعرّض لها الجدل المذهبي منذ قرون وما تزال تبحث إلى اليوم، لكن ما كنت أريد الإضاءة عليه هو أنّ مجرّد فرضيّة ترجيح عملية اختلاق مسرحي للحدث يعطي إيحاء بأنّ وقوع حدث من هذا النوع أمر غريب في نفسه، وهذا ما لا أراه صحيحاً، حتى لو كانت صيغة شاذّة هنا أو هناك لحديث الغدير مما يقبل مثل هذا الترجيح، لكنّ القاسم المشترك بين الأحاديث الناقلة لواقعة الغدير والذي هو المقدار المتواتر في الحقيقة، لا أرى فيه تنافيّاً مع البُعد المنطقي لسياق الأحداث، والعلم عند الله.

 

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 36683023       عدد زيارات اليوم : 6917