الأحد 2 ـ 10 ـ 2016م
في لقائه كبار مسؤولي الحوزات العلميّة، أدلى المرشد الأعلى للجمهوريّة الاسلامية الإيرانيّة السيد علي الخامنئي اليوم بسلسلةٍ من المواقف والتوجيهات الجميلة جداً، سأتوقّف عند واحدٍ منها فقط، معتمداً على ما نقلته وكالات الأنباء الإيرانية والإذاعة أيضاً.
تحدّث السيد الخامنئي عن مطالبته الحوزةَ بنقد الدولة فيما لو رأت منها أيّ خطأ، وأنّ على الدولة الإسلاميّة أن تتلقّى هذه الانتقادات بجديّة ورحابة صدر.
موقفٌ بالغ الأهميّة يرسم لرؤيةٍ تكرّس ـ بشكلٍ أو بآخر ـ استقلاليّة الحوزة العلميّة والمؤسّسة الدينيّة، وهي استقلاليّة سبق أن دعا إليها كثيرون، منهم السيد الخامنئي نفسه.
أودّ أن أتوقّف عند سؤالين فقط:
1 ـ إذا كانت الدولة، ومعها طيفٌ واسع من الحركة الإسلاميّة، ترحّب ـ وفقاً لهذا التصريح الصادر من أعلى قمّة الهرم فيها ـ بنقد الحوزات والمرجعيّات لها، بل وتدعو لذلك، فهل سنشهد كلاماً شبيهاً يصدر من المرجعيّات والمؤسّسة الدينية يرحّب هو الآخر بنقد الدولة والحركة الإسلاميّة والعاملين الإسلاميّين، للحوزة وفعالياتها وللمرجعيّة الدينيّة وأدائها؟ علماً أنّ هذا الترحيب لا يعني بالضرورة الموافقة على أيّ نقد يسجّل هنا أو هناك، فلكلّ حقّه في بناء وجهة نظره وقناعاته.
أتمنّى أن أسمع يوماً خطاباً جادّاً من هذا النوع، يصدر عن المرجعيّات الدينيّة الكبيرة والنافذة، تجاه سائر القوى والخُبرات القائمة في المجتمع، ويعبّر عن استعداد المؤسّسة الدينية أكثر فأكثر لسماع انتقادات الآخرين بجديّة ورحابة صدر، بل ودعوتها الآخرين لممارسة هذا النقد الحريص البنّاء.
ولعلّه قد صدر موقفٌ من هذا النوع ولم نعرف به؛ لقصور اطّلاعنا أو تقصيرٍ منّا.
2 ـ هل سيتفاعل هذا الخطاب الذي أطلقه السيد الخامنئي على أرض الواقع، أو أنّ (بعض) العاملين في خطّ العمل الإسلامي ـ على أطيافهم ـ لن يقوموا بأيّ إجراء جادّ لقيامة هذا المفهوم (نقد الحوزة للدولة والحركة الإسلاميّة عموماً)؟ هل سنتعامل بشكلٍ حقيقيّ مع المرجعيّات الدينية والعلماء والمفكّرين والمؤسّسة الدينيّة من منطلق الترحيب بنقدها لأداء الحالة الإسلاميّة العاملة واختلافها الموضوعي معها، سواء قبلنا بنقدها أو رفضناه، فهو في النهاية وجهة نظر، أو سنعتبر ذلك ـ كما يعتبر بعضٌ وليس الكلّ بالتأكيد ـ خيانةً ومؤامرةً ومعاداةً للعمل الإسلامي وخطوطه القائمة على أرض الواقع؟ هل سيكون عملُنا مكرِّساً لاستقلاليّة المؤسّسة الدينية أو مجهضاً لها من حيث نشعر أو لا نشعر؟
وإنّما أقول ذلك؛ لأنّنا رأينا دعوةً سابقة قبل سنوات من السيد الخامنئي لفتح باب الآراء الجديدة والنقديّة في الحوزات، وعدم محاربة الباحثين والحوزويّين الذين يقدّمون آراء جديدة أو نقديّات فكريّة مختلفة، لكن مع الأسف لم يطبّق هذه الدعوة ولم يستجب لها (بعضُ) العاملين في الخطّ الإسلامي الحركي، بل مارس مع المختلفين معه في الاجتهاد والفكر والرأي أشكالاً من الإقصاء والنفي والتحجير وغير ذلك!
دعوتي هي: لتطبيق هذه المواقف الرائعة، ولتعميمها أيضاً، ولوضع آليّات واضحة لها، تجعل من النقد سلّماً للارتقاء، وتخلق للنقد البنّاء بيئةً حاضنةً وآمنة ومستقرّة.
# | العنوان | تاريخ النشر | التعليقات | الزائرين |
---|---|---|---|---|
120 | من الدولة إلى المؤسّسة الدينيّة، دعوةٌ بالغة الأهميّة | 2016-10-04 | 0 | 1248 |