22 ـ 1 ـ 2013م
كتب الشيخ محمد رشيد رضا يوماً عن الإمام أبي إسحاق الشاطبي (790هـ) ونظريّته المقاصدية.. قال بأنّ مشروع الشاطبي كان رائعاً لكنّه لم ينجح.. ليس لأنّ المشروع ضعيف.. بل لأنّ الزمن الذي جاء فيه المشروع كان زمن الانحطاط في الحضارة الإسلاميّة.. ولو جاء مشروع الشاطبي في عصر النهضة الأخيرة لتغيّرت المسارات والأحوال..
لا يهمّني الآن مدى دقّة توصيف أو تحليل رشيد رضا في موضوع المقاصد.. لقد كتبت في نقد مشروع التقريب بين المذاهب.. وقلت يوماً في مؤتمر التقريب في طهران: تعالوا نعلن العام القادم عام النقد الذاتي.. لا أجد التقريبيين معصومين أو كاملين.. أو أنّ مشروعهم لا يعلى عليه.. ثمّة مشاكل كثيرة يعانون منها.. وسأقبل بأيّ نقد علمي لهم.. لكن لكي أنصف ولو بعضهم، وأنصف المنجز التقريبي الفكري خلال قرن.. وهو منجز أكاد أجزم بندرة قرّائه.. لكي أعطيهم حقّهم بعد أن طالعت الكثير مما كتبوه.. يمكنني القول بأنّ من مشاكلهم أيضاً أنّهم أتوا بمشروع مهم في زمن رديء.. والزمن الردئ تُرى فيه أفخم البضائع وأرقى السلع مرميةً على حافّة الطريق.. وفي الزمن الرديء يبحث الناس عن خلاصهم ولا يرون أنّه موجود في الكنوز التي يرمون بها كلّ يوم في مستودعات القمامة.. أو وضعوها صورةً يمرّون عليها كلّ يوم وهم عنها غافلون.
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾ (يوسف: 105).