الخميس 24 ـ 11 ـ 2016م
دائماً كان الحديث يُتداول عن أهميّة رصد الفضاءات التاريخيّة والسياقيّة لظهور الأفكار ونموّها، فالوعي التاريخي بالسياقات والأنساق ضروريٌّ للغاية في فهم الأفكار نفسها؛ لأنّ هذا الوعي يكشف لنا سبب ولادة الفكرة، والمأزق الذي أنتجها، والحاجات التي فرضتها، والمُخرَجات التي نتجت عنها، وغير ذلك.
ومن الواضح أنّ دراسات فلسفة الدين وعلم الكلام الجديد شهدت ظهوراً واسعاً في الأوساط الإسلاميّة خلال العقود الأخيرة، ورغم أنّ هذا الظهور لم يبلغ بعدُ المستوى المنشود، إلا أنّه لا يُستهان به أبداً.
وقد فُتحت العديد من الفروع البحثيّة والدراسيّة في المعاهد والجامعات الدينية والإنسانيّة التي تتناول القضايا المتصلة بفلسفة الدين والكلام الجديد، وما تزال الكثير من هذه الملفّات موضوعةً على نار حامية أو هادئة.
الشيء الذي أودّ الإشارة إليه هنا هو أنّ الفهم المعمّق لمقولات فلسفة الدين والكلام الجديد، يمرّ ـ في جزءٍ لا يُستهان به منه ـ باللاهوت المسيحي والتجربة المسيحيّة عموماً، ففي تلك التجربة وفضاءاتها الإيجابيّة والسلبيّة، ظهرت الأسئلة الملحّة، واشتغلت الأدمغة لوضع الحلول المخرجة من المآزق، وتنوّعت المخرَجات واختلفت التكييفات للوصول إلى حلول.
مُقترحي المتواضع هو أنّ أيّ دراسة لفلسفة الدين والكلام الجديد، من الضروري جداً أن ترافقها دراسة لتحوّلات السؤال اللاهوتي في المسيحيّة خلال القرون السابقة وإلى يومنا هذا، ودرجة وعي الباحث أو الدارس لكلّ قضيّة من قضايا فلسفة الدين والكلام الجديد سوف ترتفع تلقائيّاً تبعاً لمديات اطّلاعه ومعرفته بفضاء التحوّلات اللاهوتيّة والمنجزات المسيحيّة في هذا السياق.
إنّ فهم العقل اللاهوتي السيّال والمتحرّك في المسيحيّة بمدارسها المتنوّعة، يُسعف الباحثين المسلمين، ليس في إجراء مقارنات بين الأديان فحسب، بل في تكوين وعي جديد بالقضايا الإسلاميّة من زاوية فلسفة الدين وعلم الكلام الجديد.
# | العنوان | تاريخ النشر | التعليقات | الزائرين |
---|---|---|---|---|
160 | فهم مسارات اللاهوت المسيحي مقدّمة لدراسة فلسفة الدين والكلام الجديد | 2016-11-27 | 0 | 2314 |