15 ـ 2 ـ 2013م
أمشي كلّ يوم صباحاً باكراً سيراً على الأقدام لألقي دروسي اليوميّة، ومنها درسٌ متواضع في الفلسفة.. ألتقي في الطريق كلّ يوم تقريباً بأحد حضّار هذا الدرس، وهو أخونا الباحث أمير ديلمي من إيران.. نسير لثلث ساعة نتحاور في قضايا فلسفية أو فكرية عامّة.. وفي الهموم أيضاً..
قال لي يوماً: بحثنا كثيراً في لماذا سمّيت قضايا الميتافيزيقا بما بعد الطبيعة؟ وقلنا: لأنّ أرسطو وضعها بعد بحوث الطبيعيات عنده.. لكن لم ننتبه ـ بحسب وجهة نظر صديقي ديلمي الحبيب ـ إلى أنّه لماذا وضع أرسطو الميتافيزيقا بعد الطبيعيات؟ ألا يعني ذلك عنده أنّ فهم الميتافيزيقا ينبني على فهم الطبيعة؟ أليست الفلسفة الصدرائية تبدأ بكلّيات الوجود وتبحث في أصالة الوجود والماهية وفي الوحدة التشكيكيّة وغيرها قبل كلّ شيء، لأنّ كلّ الأبحاث اللاحقة تنبني عليها؟ ألا يحتمل أنّ أرسطو فعل ذلك لأجل ذلك؟
كلام صديقي (الذي أحبّ أن أقول له دائماً بأنّنا حيث نتناقش ونحن نمشي، فقد يجوز أن نسمّى يوماً بالمشائين الجدد) معناه أنّ بداية المعرفة حسية.. ثم يكون التجريد والتقشير كما يقول الفلاسفة.. وهو كلام لا يلتقي مع الكثير من أصول العرفاء أو الإشراقيين أو الصدرائيين عادة.. فكرةٌ أنقلها للتداول، لأشكر فيها صديقي العزيز ديلمي على حواراته الممتعة كلّ يوم..