26 ـ 11 ـ 2012م
فكرة متواضعة قد تبدو للكثيرين غريبة أو مغرضة أو مضحكة
إذا كان الدين من عند الله، فإنّ التديّن من فعل البشر. وأفعال البشر تخطأ وتصيب. وكما هناك علم نفس وظيفي مثلاً لمعالجة المشاكل النفسية الناجمة عن العمل أو تقديم مقترحات نفسية لتحسين أداء الموظفين والعمال فإنني أرى ضرورة أن يكون لدينا علم نفس تديّني يعالج مشاكل التديّن النفسيّة أو يقدّم مقترحات لتحسين الأداء التديّني عند الإنسان. وهذا:
1 ـ غير علم النفس (الديني) الذي نادى به كثيرون في إطار مشاريع أسلمة العلوم أو المعرفة.
2 ـ ولا يعني بالضرورة تقديم علم النفس (وهو العلم المتهم كغيره بالعلمانية) على الدين، حتى لا يخشى منه المتديّنون، بل افتراض القيم الدينية المتفق عليها بين المتدينين أصلاً موضوعاً لا نناقش فيه الساعة.
3 ـ ولا يعني أنّ الدين يتحمّل بالضرورة أمراض التديّن النفسية التي تحصل أحياناً، كما لا تتحمّل الوظيفة والعمل ـ بوصفهما حاجة إنسانيّة أصيلة ـ مسؤوليّة بعض المشاكل النفسية الناجمة عنهما.
4 ـ بل يعني إقراراً بأنّ ممارسة التديّن ظاهرة بشريّة تصاحبها ظواهر نفسيّة غير سويّة أحياناً، أو ظاهرة بشرية يمكن تحسين أدائها بنصائح سيكولوجيّة غير معادية للدين.
قد يكون من الصعب أو المضحك فتح مثل هذا الموضوع أو الدعوة لعيادات طبّ تديّني، لكنّني أظنّ أن الفكرة تستحقّ التأمّل، حتى لو لم تقبلوا أن نجعله تخصّصاً منفصلاً، فلست مصرّاً على هذا، لكنّني رأيت في تجربة حياتي البسيطة أنّ التديّن يحتاج لتجويد أدائه نفسياً أحياناً، ولمعالجة بعض آثاره السلبية أحياناً أخرى نتيجة سوء التديّن، فالدين جميل دائماً والتديّن منه جميل ومنه غير سويّ، فتحسين التديّن فيه خدمة للدين الذي ينتسب التديّن إليه ويُحسب عليه، وفيه أيضاً خدمة للإنسان نفسه الذي يمارس التديّن.