16 ـ 11 ـ 2012م
بلغت الثورة الحسينية أكبر مدى لها في العصر الاسلامي الأوّل مع الإمام زيد بن علي بن الحسين الشهيد (120 أو 122هـ)، الذي قتله الأمويون وصلبوه ونبشوا قبره عقب ثورته عليهم في الكوفة.
إنّني أقدّم اقتراحاً للطائفة الإماميّة أن يقرؤوا هذا الرجل ومذهبه جيداً، فهو مهم للغاية، وإلى مذهبه ومذهب الإسماعيلية ترجع أكبر دول الشيعة في القرون الهجرية الأولى كالبويهيين والفاطميين، الذين شكّلوا نقاطاً مضيئة في التاريخ الإسلامي.
وقد كانت علاقات الإمامية والزيدية المنتسبين إليه ممتازة حتى القرن الرابع الهجري، لكنّه وتدريجياً أخذت بالتلاشي، كان ذلك برأيي خطأ تاريخياً لا أدري من يتحمّله.
أدعو الإمامية للعودة للانفتاح على المنجز الزيدي وقراءته بتمعّن، متعالين عن الخلاف المذهبي، وكذلك أدعوهم للاهتمام بالتراث الديني المدفون في اليمن فهو من أعظم التراث. إنّها دعوة صادقة أتمنّى أن تبدأ بأن نعطي هذا الرجل بضع دقائق على الأقل في موسم عاشوراء كلّ عام للحديث عنه ونعيه.
طبعاً أعرف أنّ هناك بعض الخلاف في شرعية ثورته لكنّ أغلب علماء الإماميّة المتأخّرين أخذوا بالتوجّه نحو مدح ثورته وتوثيقه واحترامه وتنزيهه عن المقاصد السيئة.
أتفق معك يا شيخ فيما يخص تراث الإمام زيد، أمّا باقي علماء الزيديّة فهم مجتهدون، يخطؤون ويصيبون، فلا يفترقون كثيراً في هذا الجانب عن فقهاء السنّة. كذلك لا بدّ من تحقيق حال راوي المسند “أبو خالد الواسطي”، فقد شهد عليه وكيع بالكذب، بعدما كان جاراً له، وهذه شهادة لا يمكن تجاوزها، خاصة وأنّ هناك روايات في “المسند” لا يمكن نسبتها لزيد أبداً، كالحديث الذي يبيّن طريقة التيمم(ص:86):
“حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عليهم السلام عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، قال التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين[!]”، فهل يعقل أنّ زيداً يخالف آباءه في هكذا حكم؟!
والله أعلم.