الثلاثاء 15 ـ 11 ـ 2016م
يؤكّد حديث الثقلين، في صيغته المشهورة بين المسلمين، أنّ بين الكتاب والعترة ملازمة وعدم مفارقة، فإنّهما لن يفترقا، وهذه الفكرة يمكن ممارسة تطبيقها عبر آليّتين مختلفتين تماماً:
الآليّة الأولى: (العترة معبرٌ للكتاب)، إنّ الكتاب والعترة لا يفترقان، وعليه فكلّ ما في العترة هو في الكتاب، فعليك الأخذ بما قالته العترة، لتكون آخذاً بالكتاب. وهذا ما يُنتج مرجعيّة العترة وحديثها، بل مرجعيّة الحديث في فهم القرآن نفسه، وهو ما يشكّل أحد أكبر الأسس لتشييد تفسير القرآن على أساس الحديث.
الآليّة الثانية: (الكتاب معبرٌ للعترة)، إنّ الكتاب والعترة لا يفترقان، وعليه فكلّما نظرنا في الكتاب، وهو القطعيّ الصدور المفروغ عن ثبوت نسبته، فرأينا فيه شيئاً ينفي ما ورد في الحديث عن أهل البيت عليهم السلام، نكتشف أنّه ليس من أهل البيت؛ لأنّ المعادلة تقول:
1 ـ الكتاب والعترة لا يفترقان
2 ـ الكتاب قال: ألف
3 ـ إذن، لا يمكن أن تقول العترة نقيض ألف؛ لأنّ هذه مفارقة بين الكتاب والعترة، والحال أنّهما لن يفترقا.
4 ـ فكلّ رواية تحمل نقيض ألف، فهي ليست من العترة.
وهذا ما يُنتج مرجعيّة الكتاب الكريم حتى في تقويم وفهم نصوص العترة، الأمر الذي يجعل حديث الثقلين من أقوى الأدلّة على قاعدة طرح ما خالف الكتاب.
نهجان في فهم هذا الحديث وآليّات ترتيبه لسلّم المرجعيّات المعرفيّة الدينيّة، وشخصيّاً أتبنّى النهج الثاني من حيث نتائجه، وللكلام تفاصيل كثيرة، استعرضتُ بعضَها في كتابي المتواضع (حجيّة الحديث: 213 ـ 279)، وبعضاً آخر منها في كتابي الآخر: (حجيّة السنّة في الفكر الإسلامي: 571 ـ 597).
يقول العلامة الطباطبائي في نصٍّ مثير: (ولعلّ المتراءى من أمر الأمّة لغيرهم من الباحثين كما ذكره بعضهم: أنّ أهل السنّة أخذوا بالكتاب وتركوا العترة، فآل ذلك إلى ترك الكتاب؛ لقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم: إنّهما لن يفترقا. وأنّ الشيعة أخذوا بالعترة وتركوا الكتاب، فآل ذلك منهم إلى ترك العترة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّهما لن يفترقا؛ فقد تركت الأمّة القرآن والعترة (الكتاب والسنّة) معاً. وهذه الطريقة المسلوكة في الحديث أحد العوامل التي عملت في انقطاع رابطة العلوم الإسلاميّة.. وذلك أنّك إن تبصّرت في أمرِ هذه العلوم وجدت أنّها نظّمت تنظيماً لا حاجة لها إلى القرآن أصلاً، حتى أنّه يمكن لمتعلّم أن يتعلّمها جميعاً: الصرف والنحو والبيان واللغة والحديث والرجال والدراية والفقه والأصول فيأتي آخرها، ثم يتضلّع بها، ثم يجتهد ويتمهّر فيها، وهو لم يقرأ القرآن، ولم يمسّ مصحفاً قطّ، فلم يبقَ للقرآن بحسب الحقيقة إلا التلاوة لكسب الثواب أو اتخاذه تميمة للأولاد تحفظهم عن طوارق الحدثان! فاعتبر إن كنت من أهله) (الميزان في تفسير القرآن 5: 276).
# | العنوان | تاريخ النشر | التعليقات | الزائرين |
---|---|---|---|---|
157 | حديث الثقلين بين مرجعيّتَي: القرآن والحديث، من أين نبدأ؟ | 2016-11-16 | 1 | 2996 |
السلام عليكم .
هل الآليّة الثانية : (الكتاب معبرٌ للعترة) هي ما يعبر عنه السيد السيستاني دام ظله بالموافقة والمخالفة الروحية للكتاب ؟
ودمتم