الأربعاء 14 ـ 9 ـ 2016م
جمعني لقاء بأحد الأفاضل الطيبين في الحوزة العلميّة، ودار حديث حول هموم وتحدّيات الواقع المعاصر، قال لي هذا الفاضل العزيز: عشقي وميولي البحثية والدرسيّة هو دراسة الدين المسيحي، وأنا الآن دكتور في هذا المجال، ولا أجد أيّ لذة أو رغبة أو قدرة عطاءٍ في دروس الفقه والأصول، رغم احترامي البالغ جدّاً لهما..
قال وتبدو عليه علامات الحيرة: ماذا أفعل؟! إذا لم أهتمّ بالفقه والأصول وأدرّسهما فقد يلحقني شين في المجتمع العلمي! ولكنّني لو أوليتهما الأهميّة فإنّ فتور رغبتي لن يسمح لي بالتقدّم في هذا المجال، وتقديم ما هو نافع وجديد ومفيد..
صراعٌ يعاني منه الكثير من طلاب العلوم الدينيّة الذين يقفون اليوم بين مطرقة تحدّيات الواقع وقضاياه وميولهم البحثيّة والعلمية التي هي متنوّعة بطبيعتها كتنوّع البشر في رغباتهم.. وبين معايير المجتمع العلمي الداخلي الذي فرض مسطرته الخاصّة على جميع الناس! وأراد ـ ولو من غير قصد ولا نيّةٍ سيّئة ـ أن يكونوا بلونٍ واحد وطعمٍ واحد ورائحةٍ واحدة..
قلتُ له وأقول: موقفي واضح، وجوابي أكثر من صريح.. اذهب حيث تجد نفسك راغباً.. وحيث تكتشف ذاتك وتراها بجدّ.. فالمجال الذي تتحدّث عنه يكاد يكون بكراً بيننا.. والمتخصّصون في مجال المسيحيّة أندر من الكبريت الأحمر.. اذهب واخدم الدين والمعرفة في هذه الأرض الخالية الجدباء.. وازرع فيها ليكون زرعك نافعاً.. واترك عنك حديث المكانة الاجتماعيّة والأبّهة و.. فمن أراد الله لا يسأل عن هذه الأمور إلا في طريق تحقيق غايةٍ إلهيّة.. كن جريئاً مرّةً واحدة في حياتك وسترى تحوّلاً كبيراً في دنياك..
لا يمكن بناء ذواتنا النقيّة والإلهيّة إلا ـ أحياناً ـ بتدمير ذواتنا الاجتماعية الأسطوريّة وتحدّي كلّ الأسماء التي سمّيناها نحن وآباؤنا من قبل.. فهذه هي قصّة جلال الدين الرومي..
# | العنوان | تاريخ النشر | التعليقات | الزائرين |
---|---|---|---|---|
108 | تعلّم ما ترغب به ويكون نافعاً لا ما يريده الآخرون | 2016-09-14 | 0 | 1515 |