السبت 1 ـ 10 ـ 2016م
في خضم صراعاتنا المتصلة بالقضيّة الدينيّة عموماً، لفت نظري وجود فئتين من الناس:
الفئة الأولى: من لا يكاد يرى مشكلة في الفكر الديني والقراءة الدينيّة السائدة، حتى أنّك تحاول جاهداً أن تُقنعه بأنّ هناك مشكلةً ما في الفكر الديني أو في الاجتهاد الديني هنا أو هناك، وأنّه يجب وضع حلول، وأنّنا فشلنا في هذا الملفّ أو ذاك، وأنّ حجم المشكلة ليس بسيطاً، وأنّ العلاج بات يحتاج إلى عمليّات استئصال في غير مكان.. غير أنّه لا يحسّ بالمشكلة أبداً.
الفئة الثانية: من يكاد يفرض عليك مشكلةً غير موجودة، ويكاد يريد ولو بالقهر أن يقنعك بأنّه توجد في هذه الزاوية من الدين أو الفكر الديني مشكلة، وعندما تنظر لا ترى شيئاً، لكنّه ومن دون مبرّرٍ موضوعي يصرّ على خلق مشكلة في خياله، وبالتالي فرض اشتباك في الواقع. وأحياناً يتصوّر أنّ هذه المشكلة القائمة بالفعل هي حالة خاصّة بالفضاء الديني، دون أن ينتبه إلى أنّها موجودة في فضاءات اُخَر متعدّدة أيضاً.
اسمَحوا لي أن أستخدم تعبيراً لا أقصد منه الإساءة، وإنّما الإيضاح أكثر (المخدَّرون ـ والمتشائمون/المفرطون في الإيجابيّة والسلبيّة)، فالمخدَّر لا يشعر بشيء، فيما المتشائم يخلق في خياله أزمة، ثم يُسقطها على الواقع، فيربك علاقته به، ويضع حاجزاً بينه وبينه، بينما قد تكمن الحقيقة في جزءٍ من إيجابيّة الأوّل، وجزءٍ آخر من سلبيّة الثانية، إذا صحّ التعبير.
قد يكون كلّ واحدٍ منّا من هاتين الفئتين، وقد تحسبك الفئة الأولى أنّك من الثانية والعكس، لكن الجدير بالاهتمام هو أنّه عندما نفكّر في تعيين مشكلة يجب أن نكون غير مخدَّرين بأيّ مفاهيم أيديولوجيّة ترميميّة تأويليّة، وغير متشائمين يُعجزنا التشاؤم والسلبيّة عن رؤية الأشياء الجميلة، فعلاج أزماتنا النفسيّة العميقة مدخلٌ رئيس لتصحيح استنتاجاتنا العقليّة؛ إذ العقل السليم في النفس السليمة.
هل تورّط الكثير من المؤمنين بهذا النوع من التخدير والغيبوبة؟
هل تورّط الكثير من اللادينيّين ـ بالمعنى العام للكلمة ـ بهذا النوع من السلبيّة والتشاؤم؟
قضيّة مطروحة للتداول.
# | العنوان | تاريخ النشر | التعليقات | الزائرين |
---|---|---|---|---|
119 | بين إفراطين: سلبيّة اللاديني، وغيبوبة المتديّن | 2016-10-03 | 0 | 1498 |