28 ـ 12 ـ 2012م
1 ـ الوسطية في السلوك وفي الممارسة الفكرية (وسطيّة في مقام العقل العملي) مفهوم جميل وممدوح، أن تكون هادئاً غير انفعالي إيجاباً أو سلباً، وأن يكون عقلك غير مضطرب ولا هائج. فدرجة السكينة العقليّة والروحية تؤثر في سلامة العملية الفكريّة؛ لأنّ النفس عندما تصعب على صاحبها ـ كالفرس المتأبّية ـ تجرّ عقله لليمين أو اليسار بطريقة خاطئة انفعالية وهائجة.
2 ـ أمّا الوسطيّة في الحقّ والفكر والصواب (وسطيّة في مقام العقل النظري) فهي مفهوم خاطئ؛ لأنّ العقل عندما يعطيني نتيجة من مقدمات، فلا يصحّ أن أضع النتيجة وسط تنوّع الآراء المحيطة بي، لأقوّمها من زاوية موقعها وسط بقية الآراء؛ لأنّ الحقّ حقّ ولو كان في أقصى اليمين أو أقصى اليسار، والباطل باطل ولو كان إذا قسناه في موقعه من الآراء المختلفة يقع في الوسط. تماماً كعمل القاضي، فليست وسطيّته في أن يقسّم المال المتنازع عليه على الطرفين دائماً، بل ستكون هذه الوسطيّة ظلماً لصاحب الحقّ أحياناً، إنّما وسطيته في أن يتوازن سلوكيّاً وفكريّاً أثناء الإعداد والتفكير لإصدار الحكم.
ليست الوسطية مفاوضة على الحقّ، ولكنّها إدارة حسنة روحية ونفسيّة وسلوكية للوصول إليه أو لخدمته.