1 ـ 1 ـ 2013م
أجمل شيء في المثقف الحقيقي أنّه متحرّر يصنع ذاته. يسعى لكي لا يصنعه الآخرون. لكن هل استطاع المثقف أن يتحرّر في عالمنا العربي من سطوة الإعلام وتشكيله للعقول المعلّبة أم أنّ المثقف العربي ما زال يتأثر بالإعلام الذي يصنع الذوق والجمال والمفاهيم والحسن والقبح والإقبال والإدبار والقبض والبسط؟ هل قدر المثقف أن يتحرّر من آلة الإعلام الضخمة الرهيبة بكلّ مساحاتها وامتداداتها الأخطبوطية، كما تحرّر ـ وفقاً لما يقول ـ من هيمنة الخطاب الديني، وسلطنة الخطاب اليساري القديم، وقبضة العقل الشمولي؟ أم أنّ الإعلام الذي أثر في خلفيّاته المعرفيّة وحفرها وشكّل ذوقه وتحسينه وتقبيحه للأشياء من حيث لا يشعر ومنذ أن كان طفلاً.. هذا الإعلام هو الذي صاغ له عقله أو بعض عقله؟
أستميحكم عذراً، اتركوني قليلاً لأجلس مع نفسي وأسألها هذا السؤال بشكل حقيقي وجادّ، بوصفي (متثوقفاً مدّعياً للعلم) فإنّني لم أواجهها بهذا الإحراج من قبل، فربما تقول لي شيئاً أستحي أن أقرّ به أمامكم، وهو أنّني لم أتحرّر وإنّما أخذت زمام أموري من يد جماعة كانت تمسك به وتخلّصت منهم، ولكنّني مع الأسف أعطيته ـ وأنا متفاخر بزهو النصر وكسر القيد ـ لآخرين أكثر ذكاء من الأوّلين.
أتمنى أن يصنع المثقفُ الإعلامَ، لا أن يصنعه الإعلام.