الأحد 30 ـ 10 ـ 2016م
لطالما يُثار التساؤل حول سبب تعرّض القرآن الكريم لبعض القضايا التفصيلية في الحياة الزوجيّة والفردية اليوميّة للنبي محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، ويقول بعضهم بأنّ هذا لا يتناسب مع خلود القرآن ورسالته العالميّة، بل يتناسب مع مواقف جزئيّة بالغة في لحظة زمنيّة محدّدة.
توجد وجهات نظر في هذا الموضوع، وكثير منها يحتوي قدراً من الحقيقة من وجهة نظري، ويمكن التركيب بين عدّة وجهات نظر هنا للوصول إلى جواب أفضل لهذا الموضوع، بمعنى أنّه أقرب في قوّته الاحتماليّة للواقع.
ومن وجهات النظر هذه، ما يطرحه بعض الباحثين المعاصرين مثل عبد العلي بازركان المهتمّ بالدراسات القرآنيّة وتفسير الكتاب الكريم، وهو نجل المفكّر الراحل مهدي بازركان رحمه الله، حيث يذهب إلى أنّ السبب في ذلك هو أنّ القرآن يريد دائماً عرض شخصيّات الرموز الكبيرة في إطارها الطبيعي البشري، وعدم إخفاء شخصيّتها في حدود حياتها الخاصّة. ويعتقد بازركان بأنّ طريقة المتصوّفة تخلع على الشيخ قداسةً خاصّة عندما تشتغل على إخفاء حياته اليوميّة الفرديّة وتعثراتها ومشاكلها وهمومها، فتظهره على أنّه أشبه بالرجل المعلّق في الفضاء، بينما القرآن يكرّس فكرة التواصل مع الأنبياء على أنّهم بشرٌ، لديهم قضاياهم الزوجيّة واليومية التي تواجه الهموم والمشكلات الشخصيّة، ولا يقتصر القرآن فقط على الجانب العام لشخصيّة الأنبياء، الذي يخفي طبيعتهم الفرديّة الخاصّة وممارساتهم اليوميّة بوصفهم بشراً.
والمنطلق في هذا كلّه، هو الرؤية التوحيديّة، فالقرآن الكريم لا يريد خلق شخصيّات متعالية عن الطبيعة البشريّة، حتى يُبعد وعيَ أتباعه عن أيّ شكل من أشكال المماهاة أو المقاربة مع ساحة الألوهيّة المقدّسة؛ ضماناً لتحصيل توحيدٍ من الدرجة العالية، فإخفاء شخصيّات الكبار اليومية يصنع لهم في المخيّلة صورةً أكبر من حجم الصورة التي نصنعها لهم عندما نأخذ مختلف قضاياهم البشريّة العامة والخاصّة بعين الاعتبار.
وجهة نظر تستدعي تأمّلها وتقويمها، وهي تبرّر أيضاً تعرّض القرآن ـ حامل الرسالة الخالدة ـ لمثل هذه القصص، ولا مانع من ضمّها إلى وجهات نظر احتماليّة أخرى لتكوين صورة أوسع.
# | العنوان | تاريخ النشر | التعليقات | الزائرين |
---|---|---|---|---|
145 | القرآن وتفاصيل الحياة الزوجيّة للنبيّ! بازركان ووجهة نظر توحيديّة | 2016-10-31 | 0 | 1710 |