20 ـ 1 ـ 2014م
الدنيا مثل الرسام المتأنّي الحاذق.. تحفر كلّ يوم وجوهنا وتغيّر بالتدريج تقاطيعها.. وتنحت كلّ يوم أجسامنا وتغيّر بهدوء انحناءاتها وتعرّجاتها.. لكنّ النسخة الأخيرة لهذا الرسام الماهر.. هي التي تسبق نزولنا القبر بثوانٍ..
الدنيا رسّامٌ لو بقينا أمامه فسوف يشوّهنا بعد أن يرسمنا بأبهى الصور.. كالتي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً.. كأنّما لا غاية سامية من الأمر.. فهل هناك عالم يمكن أن تكون آخر إصداراته ورسوماته لنا هي أبهى أشكالنا وأجملها؟! عالمٌ لا نخشى أن نظلّ فيه خوفاً من أن تنحدر صورنا وتشيخ؟! عالمٌ نصنع نحن صورنا فيه من قبل.. أم أنّ الخلق لا غاية له؟
وحديث الغايات صراع مؤلم بين العقول..
﴿أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناکُمْ عَبَثاً وَ أَنَّکُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ﴾ (المؤمنون: 115).