الأحد 6 ـ 11 ـ 2016م
الابتسامة تعبيرٌ رفيع عن رغبة الفرد في نشر المحبّة والطمأنينة، وإرسال رسائل مودّة للآخرين، وقد جاء في الرواية عن النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أنّه قال: (تبسّمك في وجه أخيك صدقة) (ميزان الحكمة 2: 1597؛ وصحيح ابن حبان 2: 221)، وعن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: (تبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرف القذى عنه حسنة، وما عُبد الله بشيء أحبّ إلى الله من إدخال السرور على المؤمن) (الكافي 2: 188؛ وانظر: الشيخ الصدوق، مصادقة الإخوان: 52).
إنّ التبسّم صدقة يتقدّم بها الأخ لأخيه؛ لأنّها تحوي عطاءً ومودّةً ورسائل مليئة بالطاقة الإيجابيّة التي ترسلها للطرف الآخر. نحن بحاجة اليوم إلى المتديّن المبتسم، إذا رأيتَه في البيت فهو يرسل ابتساماته لأفراد الأسرة، وليس قائداً حربيّاً في بيته يُلحق بهم الخوف والرعب ليُثبت ذكوريّته، وإذا رأيته في الطريق أو في العمل أو في الجامعة أو المدرسة أو المعهد أو المسجد أو مواضع العبادة والطقوس.. تجده مبتسماً في وجه الآخرين، يمنحهم طمأنينته، وكأنّه يقول لهم بابتسامته: إنّني صديق لكم، ومحبّ، ومرحِّب بكم، ونحن إخوة. إنّه يعلن علاقة السلام مع غيره، كما يعلنها عندما يقول لهم: السلام عليكم.
بعضُ الناس اليوم يظنّ أنّ التديّن عبوسٌ وتقطيب الحاجبين والصمت والوجه المكفهرّ، وأنّ هذه هي الجديّة والتقوى والرزانة والوقار.. أبداً، فهذا بخلٌ على الآخرين بالابتسامة.. تفضّلْ عليهم بشيءٍ من شدّ عضلات وجهك، فإنّ الأمر لا يكلّفك شيئاً، ولن يُسقط من قيمتك وهيبتك ومكانتك، بل سيجلب لك المحبّة والرسائل الإيجابيّة من الآخرين، فلا تقمع الآخرين بعبوسك أو تفرض نفسك عليهم بتصنّعك، فالعبوس له أماكنه الاستثنائيّة، وعلاقة المؤمن بالمؤمن، وعلاقة أبناء البلد الواحد، والأسرة الواحدة، وزملاء العمل، والأستاذ والتلميذ، والمدير والموظفين، ومن جمعهم سفر واحد وطريق واحد.. هي علاقة أخوّة وصداقة.
إذا لم يكن في جيبك مالٌ لتتصدّق به على الآخرين، فإنّ ابتسامتك هذه صدقة، وكلّ معروف صدقة كما جاء في الحديث الصحيح (الكافي 4: 26، 27؛ ودعائم الإسلام 2: 320؛ والخصال: 134؛ وكتاب من لا يحضره الفقيه 2: 55؛ وتحف العقول: 380؛ والاختصاص: 240؛ والأمالي: 458 و..).
ما أحوجنا إلى التديّن المبتسم المحبّ الذي ينشر ثقافة الالفة والقرب بدل ثقافة الفرقة والبعد، فقد جاء في الحديث النبوي: (أفاضلكم أحسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون، وتوطأ رحالهم) (الكافي 2: 102؛ والطبراني، المعجم الأوسط 1: 356 ـ 357).
# | العنوان | تاريخ النشر | التعليقات | الزائرين |
---|---|---|---|---|
150 | الابتسامة ونشر المحبّة والطمأنينة | 2016-11-07 | 0 | 3014 |