7 ـ 1 ـ 2013م
يندفع كلّ واحد منّا لكي يقنع الآخرين بأفكاره، يحاول ويحاول ويحاول، لديه رغبة أو غريزة أو فطرة طيبة في إقناع الغير بما يراه صواباً. قد يوفّق لذلك ويقنعهم.. فيسعد ويشعر بالنجاح. وقد لا يوفّق ولا ينجح.. رغم المحاولات:
1 ـ فهناك من يرى أنّ عدم اقتناع الآخرين بفكرتي دليل ضعف الفكرة نفسها. إنّ الفكرة عنده يجب أن يتمّ الاقتناع بها إذا كانت صحيحة، فإذا لم يقتنع الآخرون بها فليست صحيحة أو صحّتها على شفا جرف هار. شعورٌ بالانتكاس أو القلق ينتاب من يتصوّر الأمور هكذا.
2 ـ وهناك من يرى أنّ عدم اقتناع الآخرين بفكرتي دليل جهلهم وغبائهم وقصور أو تقصير عقولهم. شعور معاكس يهتزّ وينتعش بالإحساس بالتفوّق على الغير.. ربما تفوقاً تكوينياً.. لأنّه فهم الفكرة واقتنع بها، أما الآخر فلم ينل شرف ذلك.
لقد وجدنا كثيراً في الحياة من إذا لم يقتنع الآخرون بفكرته: فإمّا ارتدّ منتقماً من ذاته بالإحساس بضعف ما يؤمن به، أو هرب إلى الأمام منقضّاً على غيره باتهامه بالقصور أو التقصير.
وهو لا يعرف أنّ هناك حالة ثالثة ـ إلى جانب الصدق الإجمالي للحالتين السابقتين ـ: وهي أنّ الله خلقنا هكذا.. وكان العقل كذلك.. وكانت الحياة.. فلا فكرتي ضعيفة ـ بالضرورة ـ بعدم اقتناع الآخرين بها.. ولا هم ملعونون ـ بالضرورة ـ أينما ثقفوا إن فعلوا ذلك.. وبهذا أتصالح أنا وذاتي وفكرتي والآخر معاً.
يقول الفلاسفة: أوّل وأهم نشاط للعقل هو أن يدرس نفسه، ويحلّل ذاته ويفهمها، ويعقل منطقها وقوانينها، ويعي تجاذباتها الداخليّة.