• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
متابعات‎
# العنوان تاريخ الإعداد تاريخ النشر التعليقات الزائرين التحميل
101 (حبّ الله) وحبّ النقد 0000-00-00 2020-07-12 0 3598

(حبّ الله) وحبّ النقد

عقيل يوسف رضي([1])

ليس الموقف المذاع للشيخ حيدر حبّ الله حول إغلاق الأضرحة المشرفة، والمساجد، وتفسير الحالة العامة لرفض ذلك الإغلاق، وتقديم نصيحته لجموع المؤمنين في ذلك هو أوّل موقف يشدّ انتباهك، ويلفت نظرك لأطروحات الرجل ومواقفه المعلنة، سواء بعض ما جاء في كتبه أو محاضراته ودروسه أو ما تضمّنته إجاباته عن أسئلة المؤمنين.

إنّ من الجوانب التي تروق لك وأنت تتابع محاضرات ومواقف الشيخ حيدر حب الله هو أدبه الجمّ في التعامل مع مختلف الآراء، وتقديره واحترامه لمختلف الآراء، وهو أدب ينبع ـ كما أعتقد ـ لا من ميول شخصيّة فقط، كأن يكون مزاج الرجل بارداً أو أنّ طبعه يتسم بلين العريكة أو الهدوء، رغم أنّ كلّ هذه الأمور تنطبع بها الآراء تماماً كما تمرّ مواقف وآراء أيّ منّا من خلال مرشحات شخصيّة من جنس ما ذكرت أعلاه.

لكن الأهمّ من ذلك هو أنّ ما يقدّمه الشيخ الفاضل والأستاذ المحترم، ينبع كما أرى من مرجعيّته الأكاديمية، وقدرته العلمية التي تمكّنه من طرح الآراء المتباينة برويّة وحيادية، ليبدأ في مناقشاتها وتأييد بعضها ورفض بعضها، بروح الباحث عن الإجابة لأسئلة مشكلته البحثيّة، الساعي للوصول إلى رأي مستند لأساس علمي له دليله ومرجعه.

وهذه سمة العلماء الذين يحترمون درسهم، وعلمهم، وبحثهم، تعودنا أن نراهم كذلك، لا يتعجّلون في إصدار الأحكام ولا يسارعون لطرح رأي إلا بعد استجلاء كلّ جوانب المبحث بأقلّ درجات الانحياز والتحيّز.

وهو حتماً ما تمليه طبيعة البحوث العلميّة التي تأبى أن تضع النتيجة مقدّمة لعمليّة البحث، وهي إن وضعت فرضيّة فهي تنقضها أو تثبتها، ولذلك يتحلّى باحث ـ كحبّ الله ـ بالصبر والتؤدة، وهو لا يعطيك رأياً إلا بعد مطالعة حثيثة وجادّة، وأحياناً نادرة لدى الوسطين الأكاديمي أو الحوزوي، ولا ضير عنده إن انتهى ذلك التطواف ببعض الآراء غير القطعيّة وغير الحاسمة، التي تقترح المزيد من الأسئلة لدراسات قادمة، كأنّك في مسيرة لا نهائية في التفكير والبحث.

وإذا كان ما ذكر أعلاه ذو علاقة بصلب المطروح والمطروق من قبله، فإنّ هناك ما يرتبط أيضاً بآليات تقديمه، من قالب لغوي، ومفردات خطاب يتسم بالهدوء، ومعجم لفظي يستند فيه إلى أدب جمّ نابع من خلق رفيع تجده بوضوح في تقديم مؤلفاته.

ولو أخذنا هذا النموذج كمنطلق للحديث عن بعض المشاريع المطروحة في ساحتنا الإسلاميّة، وما تتعرّض له من نقد أو شبه نقد، فإنّك تتلمّس بعض مشكلات حواراتنا سريعاً في الجانبين: الموضوعي والأسلوبي، لكن تجد الخلل بدرجة أكبر ربما في جانبها الثاني.

ورغم أنّ تنبيه أصحاب الفكر والآراء والمشاريع بأهميّة اختيار قالبٍ أسلوبي يساعد مشاريعهم على التقدّم هو أمر لا مناص منه، فإنّ تحذير النقّاد (أو شبههم) من الخلط بين الفكرة وأسلوبها أمر ذو أهميّة بالغة، إذ لا تلازم بين أرجحيّة أطروحةٍ ما وطريقة طرحها، وسوف يتبين للباحث الجلد الصبور من قراءاته الدؤوبة، واستقصائه الدقيق أنّ كثيراً من المباحث والمقاصد على درجة من الرجاحة، لو أنّ القارئ تمكّن من الفرار من ضغط المفردات والأسلوب.

هنا أخصّ بالذكر قيمة مهمّة كما أعتقد في عمليّة النقد، هي قيمة (الحبّ) الذي يحسُن أن يرافق أحدنا في عمليّة النقد، سواء في (حبّ) المنقود، أو (حبّ) جهدك المبذول معه، أو (حبّ) ذاتك الناقدة. إذا أحبب من تتوجّه له بالنقد ستكون منصفاً له، حياديّاً فيما تطرح، محسناً للظنّ، تمنحه ما له، وتقول ما عليه، مقدّراً له عطاءاته، ونتاجاته، مكبراً له ما حقّقه. وإذا أحبب عملك، فإنّك لن تقبل له بأقلّ من الاحترافية، والإتقان. سيمنحك الحبّ صبراً على المطالعة، وسيمنحك سعة أفق في النظر للآراء ووجهات النظر، ستتحرّر بشكل أكبر من شخصنة الآراء والمواقف والمشاريع. أمّا إذا أحببت ذاتك الناقدة فلن تجعلها تنحدر لحبّ الظهور، والاستغراق في العجب والغرور، والاعتداد بما تنجز حتى لا تشعر أنّ أحداً يمكنه نقضه أو تناوله بمثل ما فعلت مع غيره.

أين يمكنك رصد مظاهر مجافاة هذه القيمة؟ تجدها مثلاً في التعميم، فليس من ناقد محبّ يقبل لنفسه شطب جهد الآخرين بكلمات (كلّ)، و (جميع)؛ لأنّه يعني أنّه باختصار أخلّ باتزانه، وانساق لذاتيّة وضعته خصماً للمنقود في مباراة للفوز والاكتساح لا لتقديم نقد علمي (والنقد في كلّ الأحوال ليس سرداً للمثالب والسقطات)، تجد ذلك مثلاً في كمّ المفردات الطاعنة، والجارحة، والتشهيرية لأصحاب الأفكار، والمشاريع، فالحاقد لا يمكنه أن يكون ناقداً، وبين الحقد والنقد بون شاسع أبعد مما تجده بين الحاء والنون، والضغينة ليست خصلة الباحثين والعلماء. تجد تلك المجافاة مثلاً في استعجال طرح النتائج المعلّبة، وسرعة الحسم للمسألة المبحوثة قبل أن تجد فيها من المتصدّي للنقد عرضاً للرأي بشكل علمي، وكما ورد في مصدره دون تشويه أو تصحيف أو تحريف، وتجد ذلك في تهليل الناقد أو ترحيبه بكلّ من ينال من صاحب الفكرة ـ خاصّة في شبكات التواصل الاجتماعيّ ـ حتى لو كان ذلك النيل بما يستهجنه، أو ينبذه، كأنّه كان ينتظر دخول كل لعّان أو طعّان أو سبّاب للنيل من الطرف الآخر.. وتجده فيما هو أكثر من ذلك.

إنّ عمليّة النقد تحتاج لتربية علميّة، وهي أيضاً تحتاج لتربية روحيّة، كي ترقى بكلّ أطرافها، ولتكون محصّلتها منتجة ومثمرة، و (الحبّ) أعظم قيمة روحيّة تسمو بنا نحو هذه النتيجة.

([1]) كاتب، من البحرين.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 35807033       عدد زيارات اليوم : 12573