• الرئيسية
  • السيرة الذاتية
  • الكتب والمؤلفات
  • المحاضرات والدروس
  • المقالات
  • الحوارات واللقاءات
  • المرئيات
  • الأسئلة والأجوبة
  • لغات اُخرى
  • تطبيق مؤلفات حب الله
  • آراء
الموقع الرسمي لحيدر حب الله
متابعات‎
# العنوان تاريخ الإعداد تاريخ النشر التعليقات الزائرين التحميل
104 المصالحة والتوالم في الفكر الديني بين الإنسان وذاته 0000-00-00 2020-09-22 0 3026

المصالحة والتوالم في الفكر الديني بين الإنسان وذاته

قراءة في رؤية الشيخ حبّ الله لمشكلة الاغتراب عند الإنسان

خليل المرخي([1])

تبدو مشكلة الاغتراب بالمفهوم الحديث من المشاكل الحيويّة التي يعاني منها النوع البشري عامةً، أفرادًا ومجتمعات.. وفي ظل تعدد المناهج الفكرية الساعية لمعالجة هذه المشكلة، يجد المتدينون أنفسهم في قلب هذه المساعي، وعليهم أن يقدّموا المساهمة الفاعلة لحلحلة عناصر المشكلة بتفكيكها أوّلًا، وتركيب الحل ثانيًا.

وليس بدعًا أنْ تتفاوت الرؤى في الداخل الديني حول هذا الموضوع، ما يستوجب تفعيل عملية التقويم والتقييم لكلّ الطروحات المقدّمة باسم الدين بعيدًا عن المؤثرات النفسية؛ حيث يتحمّل الدين في نظر بعض أتباعه وجملة مناوئيه مسؤولية فشل أي وصفة علاجية في هذا المجال، وهو ما ينسحب سلبيًا على العلاقة به.

من هنا كانت محاولة الشيخ حيدر حب الله (1973..) لمقاربة المسألة من خلال عدّة زوايا، منها:

الاعتراف بأصل وجود ثغرة في الطروحات التي قدّمها المتدينون ـ باختلاف مراتبهم العلمية، وسياقات تطور رؤيتهم الدينية بشكل عام ـ وذلك بعد التسليم بحقيقة المشكلة نفسها وحيويتها النشطة في التركيبة العامة للحياة، والاجتماع الإنساني بالخصوص، والحياة الفردية للأشخاص بالأخص.. ومن ثمّ مبادرته لعرض تصوره الخاص المبني على الفهم الشامل لمختلف الأبعاد التي يتكوّن منها الدين من فقه، وعقائد، ومنظومة أخلاقية وغيرها.

في البداية يحاول حب الله تثبيت تعريف عامٍ لمفهوم الاغتراب، تجنبًا للتخبط في تقديم معالجات لمفهوم ضبابي، حيث يعرّف الاغتراب بكونه «نوعًا من الشعور أو الكينونة التي تُعجزُ الإنسان عن التأثير وتجعله غير قادر».

ولهذا الشعور أسبابه الموضوعية التي يتولّد منها، ومظاهره التي تدلُّ عليه، فالإنسان ـ عندما يغترب ـ يقوم بممارسة سلوك أو الإحساس بوضع يبدو فيه أنه غير منسجم، فهو يفعل ما يريده الآخرون، وهو يكوّن هويّته ـ بالمفهوم الوجودي ـ التي يريدها الآخرون، فهو متشظٍّ غير منسجم في ذاته، وهو متكثّر غير متّحد، وبهذا يتلاشى وينتهي؛ لأنه يحقق الهوية التي يراها الآخرون فيه، فكأنّ الإنسان يعايش ذاتًا غريبة عنه هي التي ينحتُها الآخر له، فلا يبدو منسجمًا مع ذاته ولا متوالمًا أو متصالحًا معها، بل ذاته مصادرة تمامًا».

ويمكننا أن نقدّمَ مثالًا حاكيًا لهذه الحالة من الأدب العالمي، هو ما صوّره الأديب الفرنسي ألبير كامو (١٩١٣ ـ ١٩٦٠م) في روايته (الغريب) للحالة التي كان يعانيها بطل الرواية من الاستسلام المطلق لإرادات الآخرين مهما بدت هذه الإرادات متناقضة، وغير منسجمة مع منطق الحياة الطبيعية؛ لأنه فقد في قرارة نفسه الهوية التي تحفظ له انسجامه الداخلي مع الواقع الخارجي، فأصبح غريبًا عن ذاته غريبًا عن مجتمعه غريبًا عن الحياة.

ولا يخفى أنّ أبرز فلسفة حديثة سعت لتقديم رؤيتها كعلاج لهذه المشكلة، هي الفلسفة الوجودية على اختلاف امتدادها بين الإلحاد والإيمان، وهذا ما لم ينتج عنه كبير أثر إيجابي يشهد بنجاح تطبيقات هذه الفلسفة في الحياة العامة والخاصة في الغرب.

من هذا المنطلق، وجب أن تكون الوصفة الدينية ـ الإسلامية بالخصوص ـ متجاوزة للإفراط الذي وقع فيه الوجوديون الذين ألقوا المشكلة على عاتق الإنسان وألزموه وحده بحلّها، والتفريط الذي سلب من الإنسان كلَّ دورٍ مرتقب في صياغة الحل لمشكلتهِ ولو بنسبة تتواءم مع كونهِ موضوعَ القضية كما هو عند أنصار فكرة الإسلام الشمولي التام.

لذلكَ، كانت وصفة الشيخ حب الله مرتكزة على ثلاثة مرتكزات:

الأوّل: إعادة موضعة الشريعة ضمن منظومة الدين

ويقصد بذلك وضع المنظومة الفقهية في الدين في موقعها الطبيعي، بعيدًا عن الهيمنة العامة على كلّ مكونات الدين الأخرى، ولا يتم ذلك إلا بإيقاف «تضخّم الفقه وابتلاعه لسائر الجوانب الدينيّة»؛ لأنّ التغوّل الفقهي يعني بالضرورة التمدد على حساب جوانب أخرى ذات قيمة عالية في تنمية الحالة الروحية للمتدين، وتعزيز طاقاته الإدراكية لجميع مناحي الحياة المختلفة، وإطلاق شعورهِ من أسار كونه آلةً تديرها مساحةٌ قانونية تفصيلية تتدخّل حتى في خيالاته.

الثاني: إحياء معنويّة (الحب والتسليم)

ويعني به «صناعة التدين القائم على عشق الله تعالى، وفي الوقت عينه التسليم له». وإذا ورد في هذا الإطار إشكالٌ حول مفردة «التسليم لله» والتي تستبطن مفهوم استلاب الإرادة الإنسانية ما يرجعنا للمربّع الأوّل، فإنّ الشيخ حب الله يبدو ملتفتًا لذلك، فيقدّم بناءً عليه مفهوم التسليم بعيدًا عن المضمون السلبي، فهو عنده «إحساس الفرد بتكامله الحقيقي في ظل الاندماج مع الوحدة المطلقة لله تعالى.. وعودة الكثرة إلى هذه الوحدة، فهذا الاندماج يحقق الرضا والطمأنينة بالقضاء التكويني والتشريعي لله سبحانه».

فالتسليم الناتج عن «الطاعة الحُبيّة» لله تعالى يقود صاحبه للاطمئنان؛ لأنه فِعلُ ارتباطٍ اختياري، فالإسلام لا يقبلُ انقيادًا إجباريًا متمظهرًا عن خضوعٍ قسري للقانون الجزائي، فذلكَ معبَرٌ للنفاق الذي لا يتواءم مع حقيقة انقياد المؤمن الصادق الذي التزم بإلزامات الدين من منطلق الارتباط الروحاني مع رب الدين سبحانه، وهذا ما ركّز عليه القرآن الكريم في العديد من آياته.

الثالث: بما تقدّم يتمكن الدين من منح الحياة معناها..

فهي بهذا التصوّر «تصبح رحلة وجودية عميقةً نحو نقطة البداية الحقيقية للإنسان الذي سيعود في المآل إلى الله» وهذا ما يمنح الأشياء في حياة هذا الإنسان معناها، ويعطيها القدرة على إيصالهِ لهدفهِ الأسمى دون أن يعترض طريقه عائقٌ يحولُ دون تحقيق هويتهِ؛ لأنّ هذه الهوية في أعماقهِ، وليست في جسده وقدرته على تحقيق شيءٍ ما.

فإذا كانت حقيقة الهوية هي هذه فإنه لن يتمكن أحدٌ من سلبِ هذه الهويّة العميقة؛ حيث تتحول الإمكانات المادية في الحياة في نظر صاحب هذه الهوية لمجرّد وسائل وفُرص «لتحقيق الطاعة الحبية واختبار قدرة الذات على تحقيق ذاتها المترقية».

وعليه تكون الانطلاقة نحو الانسجام النفسي مع الحياة الخارجية والذي يعني قهر الاغتراب بادئةً من الداخل متجهةً للخارج، لا العكس كما في الفلسفات والمناهج الماديّة.

يبقى أن نشير إلى أنّ الشيخ حب الله لا يؤمن بإمكان خروج الإنسان من الاغتراب الكامل في هذه الدنيا، وأنّ المطالبة بذلك بنحو مطلق هو نوعُ خيالٍ لا يمكن تحقيقه، إلا أنّ الرؤية الإسلامية لطبيعة امتداد حياة الإنسان إلى ما بعد هذه الدنيا يفرضُ عليها إيجاد صيغة مساعِدة لخروج الإنسان مما لا موضوعية لوقوعه فيه من مظاهر الاغتراب أثناء قطعه طريق العبور للعالم الآخر.

ويؤكّد حب الله كذلك على مسألة أخرى تتعلق بعدم إطلاق صفة السلبية الكاملة على حالة الاغتراب؛ لأنّنا بالعودة لتعريف الاغتراب نجد أنّ المطالبة بالحرية المطلقة بلا ضوابط كسبيل لإزالة الشعور بالاغتراب عند الإنسان والناتج عن خضوعه لبعض المقيدات إنما يعني إطلاق العنان للفوضى وهو ما لا يقبل به عاقل.

بناءً على كلّ ذلك جاءت الدعوة بالمصالحة والتوالم بين الإنسان وذاته، ولا يكون ذلك إلا بفهمٍ دينيٍّ منسجمٍ في الموازنة بين مواقع مكونات الدين نفسه وحاجات الإنسان الذاتية من جهة، وضوابط حركتهِ في الحياة من جهة أخرى، واعتماد سبيل العلاقة الحبيّة بين الخالق والمخلوق، حينها ستكون النظرة للحياة مختلفةً لأنها نابعةٌ من داخلٍ مختلفٍ، يعي فلسفة وجوده في هذا العالَم ويتلمّس الطريق المؤدي للهدف النهائي ببصيرة واطمئنان مسلِّمًا قيادهُ لله بحبٍ واقتناع.

______________________________

راجع: شمول الشريعة.. بحوث في مديات المرجعية القانونية بين العقل والوحي، تأليف: حيدر حب الله.. العبارات المقتبسة من الصفحات: ٦٧٧ إلى ٦٨٣.

([1]) كاتب، من البحرين.

إرسال

you should login to send comment link

جديد الأسئلة والأجوبة
  • تأليف الكتب وإلقاء المحاضرات بين الكمّ والنوعيّة والجودة
  • مع حوادث قتل المحارم اليوم كيف نفسّر النصوص المفتخرة بقتل المسلمين الأوائل لأقربائهم؟!
  • استفهامات في مسألة عدم كون تقليد الأعلم مسألة تقليديّة
  • كيف يمكن أداء المتابعة في الصلوات الجهرية حفاظاً على حرمة الجماعات؟
  • هل يمكن للفتاة العقد على خطيبها دون إذن أهلها خوفاً من الحرام؟
  • كيف يتعامل من ينكر حجيّة الظنّ في الدين مع ظهورات الكتاب والسنّة؟!
  • هل دعاء رفع المصاحف على الرؤوس في ليلة القدر صحيحٌ وثابت أو لا؟
الأرشيف
أرسل السؤال
الاشتراك في الموقع

كافة الحقوق محفوظة لصاحب الموقع ولا يجوز الاستفادة من المحتويات إلا مع ذكر المصدر
جميع عدد الزيارات : 35763841       عدد زيارات اليوم : 646