حواريّة مفتوحة مع أ.د. أحمد اللويمي
استضاف ملتقى (إضاءة فكريّة) في جلسته المنعقدة صباح يوم السبت الموافق 6/4/1437هـ سعادة الأستاذ الدكتور أحمد بن محمد اللويمي أستاذ علم المناعة بكلية الطب البيطري بجامعة الملك فيصل بالأحساء في حواريّة مفتوحة بعنوان (الحركة الفكريّة والثقافية بالأحساء، واقعها وسبل النهوض بها)، وبعد التعريف بالحاضرين ألقى الدكتور اللويمي كلمة مختصرة حول تقييمه للحركة الفكرية والثقافية بالأحساء ومما جاء فيها قوله: نحن أمام مسؤولية أمام الأجيال القادمة، ماذا نترك لهم؟ هل سنترك لهم مجرّد صحف مدوّنة، أو أن نترك لهم تجربة ومشروعاً متكاملاً، لكي يرثوا هذا المشروع ليستفيدوا منه من خلال مواصلة الطريق لتطوير المشروع.
كما تحدّث الدكتور اللويمي عن أمرين مهمين تعاني منهما الحركة الفكرية والثقافية الراهنة بالأحساء وهما:
الأمر الأول: أنها حركة ذات جهود وهموم فردية، وذلك لأنّ كلّ هذا الحراك والمنتج الثقافي الموجود هو نتيجة انشغالات فرديّة، ونحن بحاجة في المشهد الثقافي للمّ الشتات وللعمل الجماعي.
الأمر الثاني: وهو ما أسماه بفقدان (الحل الأدواتي): حيث ركز على أهمية ما أسماه بالحلول الأدواتية؛ لأنّها هي التي سوف تستطيع أن تؤسّس لحركة فكريّة وثقافية ذات معالم وملامح واضحة.
وأسّس تحليله على أساس أنّ الحراك الثقافي في الأحساء يخضع لجانبين هما:
الأوّل: محور الغاية والوسيلة.
الثاني: محور القشر واللبّ.
هل هذا الحراك وسيلة لها غاية، وما هي هذه الغاية، أم هو غاية بحدّ ذاته والقصد منه أن ينتج ليراكم المنتج الثقافي؟ لا شك أنّ غاية الحراك الثقافي هو الوعي الذي يتجلّى في قراءة المستقبل والتخطيط له. وأيّ حراك لابد أن يستبطن اللبّ فهل هذا الحراك قشر للبّ في طور النضج أم قشر لا لبّ له؟
وقد شدّد الدكتور اللويمي على أهميّة ترجمة الحراك الفكري والثقافي إلى الواقع الاجتماعي، وذلك بأن يخلق رؤية واضحة عند الناس، وذكر بأنّه لا يهمّنا كمّية الإنتاج الثقافي من ناحية الحجم، مثلاً تأليف عشرات المجلّدات ينتهي بها المطاف على الرفوف ولا يوجد لها أيّ أثر واقعي، وكذلك لا يهمّنا الاهتمام بنوعيّة وكيفيّة الطباعة وكونها طباعة فاخرة، إذا لم تجد الأفكار الموجودة فيها أيّ مجرى أو مسرى إلى الواقع الاجتماعي بحسب قوله.
وعن مستوى الوعي لدى أفراد مجتمعاتنا في الوقت الراهن، تحدّث الدكتور اللويمي قائلاً: “من العجيب أن المجتمع الخمسيني والستيني في العالم العربي الذي كانت فيه نسبة الأمية مرتفعة جداً إلا أنّه كان يملك من الوعي الفطري ويملك من القدرة على التحليل أنضج بكثير من المجتمع اليوم في الألفيّة الثالثة الذي تعجّ فيه شهادات الدكتوراه. ومع ذلك تجد أن الإعلام يتلاعب بالعقول ويؤدلجها بكلّ سهولة، لأنها تفتقر للوعي وللقدرة على التحليل والفرز. لذلك أنا أقول هذا الإنتاج الثقافي الحالي، هل يصنع وعياً؟ هل يصنع قدرة على التحليل؟ أم يصنع قطعاناً؟ أن تكون هناك قطعان يصفّقون وراء شاعر أو أديب فهذا ليس مقياساً للثقافة وللحركة الفكرية. نريد أناس تمتلك القدرة على أن تحلّل، على أن تراجع، على أن تقرأ المستقبل، كي لا ننجرّ وراء كلّ شخص يأتينا ويطرح علينا بعض الأطروحات، نحتاج أن نملك القدرة على أن نضع أقدامنا في الموقع الصحيح”.
من جانب آخر، قدّم الدكتور اللويمي نقده للتقارير التي تنشر عن جلسات ملتقى (إضاءة فكرية)، وذكر بأنه يلاحظ أنّ التلخيص المنشور يحاول تضخيم ذات الضيف أو أن يعطي للنقاش حالة من الكمال والتمام، وهذا بحسب قوله أحد المشاكل التي نعاني منها في مجتمعاتنا، وهي أنّنا إلى الآن لم نستطيع أن نتجاوز حالة الاحتفالية، ولذلك فإننا عندما نريد أن نقدّم قراءة لشخصيّة معينة أو لكتابة معينة نصفها بالكمال والتمام، ونحاول إظهارها بالعظمة وكأنها خارقة للعادة، وهذه الحالة لابد من أن نتجاوزها لكي نتقدّم. وأضاف بقوله: “أتمنّى أن يتّسم الملخّص المنشور عن جلسات الملتقى بحالة من الوسطيّة والواقعيّة”.
بعض الأسئلة المهمّة التي وجّهت للدكتور اللويمي وتعليقه عليها
س1: هناك من يشكّك في أصل وجود حراك ثقافي في الأحساء من أساسه هل يوجد لدينا فعلاً حراك ثقافي؟
ج1: أوّل شيء لابد أن نفهم الحراك ما هو؟ الحراك هو حالة من النشاط في إطار المقصود. يعني أن تقصد وجود عمل فكري وثقافي معيّن وتنشط فيه. لا شك أنّ المادة التي تصنع الثقافة موجودة وحاضرة ومتحرّكة في الأحساء، فهذا لا نستطيع أن ننكره أبداً، فالأحساء اليوم تحتلّ موقعاً أستطيع أن أقول بأنّه موقع متقدّم، فمثلاً في جانب الشعر الأحساء ورثت القصيدة العمودية في واقعها المتقدّم والمتطور. اليوم الأحساء حاضرة وبقوّة في مقدّمة من يكتب في القصيدة العمودية ناهيك عمن يكتب في الأدب الحداثي. اليوم أدباؤنا يحضرون التجمّعات الدولية ويحصدون العديد من الجوائز، ولذلك لا نستطيع أن ننكر وجود هذا الحراك؛ لأنّه إجحاف بالحقيقة، ولكن موضع النظر أنّ هذا الحراك هو حراك لذاته بمعنى أننا فقط نرغب بالعمل الثقافي بالكتابة والتأليف ونأخذها كديكور أو أنّ هذا الحراك في ذهن من يشتغل به يحمل الهمّ، أعني همّ المستقبل، همّ الوعي، همّ الأثر في المجتمع.
س2: تحدّثتم عن موضوع القشر واللبّ، وأعتقد بأن كلامكم غير واضح، وعلى من يصحّ أن نطلق مثل هذه المصطلحات، فحبذا لو تمّ توضيحها أكثر؟
ج2: لم يكن هدفي هو اتهام الآخرين بالقشريّة، وإنما أريد أن نطلق هذه المصطلحات من خلال أدوات ومقاييس واضحة بدلاً من أن نطلقها جزافاً ونتهم الناس بها، أنا أقول: ما هي الأدوات والمقاييس؟ نحن إلى الآن لا نملك أدوات قياس نقيس بها حقائق الأشياء، حتى هذا الذي نطرحه اليوم هو نسبي، أنا لا أقول بأنّ حراكنا لا يؤدّي إلى وعي، لا أستطيع أن أقول هذا، ولا أستطيع أن أقول بأنّ كلّ هذا الحراك قشريّ ولا ينطوي على لبّ نهائياً، فهذا أيضاً أعتقد بأنّ فيه ظلماً، ولكن أقول: لماذا لا يشتغل الكتّاب بعمل خارج الرؤية الفردية يستطيعون من خلال ما يبذلونه من مجهود فكري وثقافي أن يأسّسوا لأدوات واضحة نستطيع من خلالها أن نقيس هذا الحراك وأن نقرأه ونتعرّف عليه بطريقة واضحة وجيّدة، يعني نريد أن نمتلك طريقة وأدوات نستطيع من خلالها أن نصنع نظارات تمكّن رؤيتنا العلميّة والثقافيّة بحيث تمكّننا من أن نقرأه بطريقة جيّدة.
كمثال على ما أعنيه من الأدوات هو: أنّ أحد الزملاء في كليّة التربية ذكر لي بأنّه عندما كان يحضّر الدكتوراه في أمريكا، أرادت إدارة التعليم هناك في ولاية فلوريدا، أن تطبّق نظاماً جديداً في الامتحانات، فطرحوا هذا السؤال: هل الأفضل توزيع أوراق الامتحان على الطلاب دون أن نقرأ الأسئلة أو الأفضل للطالب أن تُقرأ له أسئلة الامتحان؟ هذا السؤال بسيط جداً، ولكنهم قالوا لابد من أن نعمل دراسة لمعرفة أيّهما الأفضل، وبالفعل عملوا الدراسة على مستوى ولاية فلوريدا، ورصدوا لها ميزانيّة ضخمة، لتنتج الدارسة بأهميّة قراءة أسئلة الامتحان للطالب لما لها من أثر في فهم الأسئلة للإجابة عليها بشكل أفضل. فإذاً الخطورة في إعطاء الإجابات الانطباعيّة السريعة والمتعجّلة، هذا الأسلوب يحدّ من الفوضى، وأمّا لو تركنا الموضوع مع الانطباعات الارتجاليّة، فكلّ شخص سوف يأتي ليعطي رأيه وتضيع الأدوات والمقاييس، فتجد شخصاً يأتي ويقول مثلاً بأنّه لا يوجد في الأحساء أيّ حراك فكري إلا بشكل قشري، ويأتي آخر ويقول بأنه يوجد حراك فكري عميق جداً وهكذا، وهذه الإجابات لا تقدّم ولا تؤخّر؛ لأنّها مجرّد انطباعات سريعة وغير معتمدة على أدوات واضحة ودقيقة.
ولذا، فنحن نحتاج إلى من يقدّم أدوات واضحة تساهم في تنضيج المفاهيم والأفكار عند المجتمع، والكاتب الذي يملك الوعي والخبرة والإرادة ينبغي له أن يمارس هذا الدور، حتى وإن تجاوز الخطوط الحمراء في بعض القضايا إذا تطلّب الأمر.
س3: نريد أن تحدّثنا عن تجربتك الشخصيّة الميدانية، في مجال الكتابة والعمل على فريق عمل مشترك؟
ج3: أعتقد أنّ العمل في البداية كان له حالة من الحضور جيّدة، وكان هناك مجموعة من الكتّاب متنوّعي المناهج الكتابية والخطوط الفكريّة، فكان منهم من يكتب في مجال الحداثة والعلمانيّة، ومنهم من يكتب في المجال الديني، ومنهم من يكتب في المجالات الأخرى، ولكن لعلّ من أهم الأسباب التي أدّت إلى عدم نجاح التجربة هي ما يلي:
1 ـ التوغّل الشديد في الشخصانيّة، فكلّ واحد كان يرى في نفسه بأنّه كيان قائم بذاته، ولذلك يصعب عليه أن يكون هو مع فلان وفلان في حالة اندماج في مشروع واحد، وهذا طبيعي في ظلّ واقع لا يشهد مؤسّسات ولا يشهد مظلات تجمع الناس وتجعلهم يجلسون في مكانٍ واحد، ويتبادلون الآراء ويتعرفون على بعضهم بعضاً.
2 ـ الخوف والشعور من قبل البعض بأنّه قد يكون المقصود من هذه العمليّة هو إلغاؤهم ودمجهم في خطّ معين. إنّنا مجتمع لم يتعوّد على النفس الطويل؛ لأنّ المشروع يتطلّب فترة طويلة، والكثير لا يطيق هذا النوع من العمل.
س4: دائماً تُثار نقاشات عن حالة الصراع في المجتمع الأحسائي بوصف أنّ الصراع أحد وسائل تطوير المجتمع، كنّا في السابق في عام 2004م و 2002م 2005م نعيش صراع المجتمع مع رجل الدين، الآن المسألة انتقلت لصراع تحت مسمّى آخر، وهو مسمّى أكثر صراحة: صراع الحداثة والتقليد، (التقليدي والحداثي)، هل تظنّ أنّ هذا الصراع مثمر؟ هل الخطاب الديني قادر على تقبّل أن يراجع ذاته؟ أريد قراءة بمنظور أحمد اللويمي.
ج4: عاشت الأحساء حالات تمرّد على هيمنة الطبقة الدينيّة، بعدما كانت في يوم من الأيام مستفردة بالواقع الاجتماعي. و قد خرجت العديد من الأصوات إلا أنّها أصوات فرديّة لا تشكّل ظاهرة ذات مدد مستمر ومشروع واضح، نعم هذه حالة من حالات التمرّد العفوية ليس إلا، بدليل أنّه لو كانت هذه الحالة حالة مدروسة ومقروءة بشكل جيّد لحشدت معها مجموعة من الأقلام وأخذت حالة من المسار التراكمي الواضح، وانتهت بنتائج واضحة لدى الناس تبيّن لهم ماذا يريد هؤلاء؟ وما هي غايتهم وأهدافهم؟ وما هو مشروعهم؟
لذلك بعض المثقفين يعيشون حالة من الانفعال لعجزهم عن فهم الساحة بشكل جيّد، والعمل من الموقع والزاوية التي تحاول أن تخفّف حالة الانفعال والصراع في المجتمع، بل على العكس سامح الله بعضهم كتب بحالة استفزازيّة واستهزائيه وهجوميّة، بقلم يجرح ويستفزّ ويضغط على الألم، وهذا خطأ؛ لأنّ الناس ربما تجاملك في أمور كثيرة، ولكن لا تستطيع أن تجاملك في انتمائها، ولذا أعتقد بأنّ هذه التجربة التي هاجمت المعتقد ونالت من مشاعر الناس هي تجربة فاشلة، بدليل أنّها الآن اضمحلّت وذهبت، فهي عبارة عن حجر اُلقي في ماء ما لبث أن انتهى أثره سريعاً في صناعة وعي بالقضيّة.
المثقف الحقيقي هو الذي يقرأ المشروع من خارجه لا أن يقرأ المشروع من داخله، المثقف الحقيقي هو الذي يقرأ حركة الساحة ويستطيع أن يقدّم قراءةً تنتزع الفتيل، لا أن يكون مع هذا ولا مع ذاك. أرى أن ما يطرحه الآن العلامة حيدر حبّ الله يعدّ أحد المشاريع الناجحة التي تقدّم قراءة بديلة تحاول أن تنتزع الفتيل، وتحاول أن تقدّم خطاباً متزناً لا يتمترس في جهة ضدّ جهة أخرى. وعلى المثقف حتى يستطيع أن يقوم بهذا الدور أن يعيد قراءة المشهد بشكل واضح ويجعل للناس قدرة على أن يقرؤوا حركته ومن ثم يحاول تقديم البديل، لأنه ليس المهم بأنّني ألعن الشرّ، المهم أنّني كيف أجد الطريق إلى الخير، فما دام المثقف ينقد لابد له من أن يقدّم البديل حتى وإن تطلّب الأمر مثلاً أن يقرأ التراث برؤية جديدة تبعده عن أجواء الصراع وتجعله مادّةً تصنع الحوار والتقارب، فهذه واحدة من أهم المشاريع التي يستطيع أن يقدّمها المثقف في مجال الوحدة، وهي أن ينتزع خطاب الفرقة ويحوّل هذا التراث إلى خطاب تقارب، فهنا يكمن ذكاء المثقف.
وللأسف الحراك الثقافي في المنطقة في العديد من مظاهره هو عبارة عن قارب ليس له ربّان يمتلك بوصلةً ليوجّه الناس في مسار واضح ويشخّص ماذا يريدون.
س5: هل خضت في الآونة الأخيرة أيّ صراع شخصي مع رجال الدين؟
ج5: أستطيع أن أقول بأنّني لم أدخل تجربة صراع شخصي ولم أكن خارجاً عنها؛ لأنّني أعتقد بأننا نعيش في حالة مخاض، وكلا الطرفين، المثقف ورجل الدين، يعيش حالة أزمة حقيقيّة، لا المثقّف يستطيع قراءة الأمور بطريقة صحيحة، والطرف الآخر رجل الدين مجبول في طبعه والبيئة التي يترعرع علمياً وتربوياً تركز فيه هذه القناعة بأنّه حامي الدين ووصيّ على الفضيلة، فهو يريد من الآخرين أن لا يقتنعوا بشيء إلا من خلال بوّابته، هناك مقولة للدكتور سروش: “هؤلاء يعتقدون بأنّهم هم الذين سيحفظون الدين، ولم يعلموا أنّ الدين مرّ عبر مئات السنين وملايين العقول حتى وصل إلينا وسيستمرّ هكذا”. وباختصار أجد عدم وضوح عند الطرفين، ومسألة الصراع هي هدر للطاقات وهدر للأوقات؛ لأنّ الصراع لم يفضِ إلى خلق رؤية واضحة قادرة على معالجة القضايا.
س6: تجربة الإلحاد.. كيف نتعامل مع الملحد؟
ج6: أوّل شيء لابد من تعريف الإلحاد، فنحن للأسف الشديد أناس نتعجّل التفسير ، فالشيء الذي ليس منطبقاً مع قناعاتنا التراثية الوراثية نعتبره إلحاداً، بدليل أنّ أحدهم عندما طرح مقالة عُرّف بأنّه ملحد، وأرسلت رسائل إلى بعض الجهات تريد أن تستحصل على فتاوى حتى يخرجوه من الدين وتطلَّق زوجته ويكون دمه حلالاً. أنا أعتقد بأنّ جزءاً كبيراً من الظواهر التي نراها الآن ليست إلحاداً، وإنّما الشباب لديهم تساؤلات جادّة من بعد فترة الغفلة واللاوعي، فنحن مررنا بفترة طويلة كنّا نذهب تحت المنبر ونلقّن بقناعات عامة ولا نتساءل عنها، أما الآن فالمجتمع تغيّر، وأصبح عنده حالة انتباه لمناقشة العديد من القضايا الدينيّة، ولذلك هناك تساؤلات حول قضايا مطروحة في القرآن الكريم، وهناك تساؤلات حول أهل البيت، كالدور القيادي السياسي لأهل البيت، مفهوم العصمة، مفهوم حقيقة أنّه هناك وراثة موجودة عند أهل البيت. في إيران هذه القضايا تطرح وهناك كتّاب يمارسون منشطهم الثقافي فمثلاً هناك تطرح قضايا مثل: هل القرآن هو ـ نصّاً ومعنىً ـ من الله أو أنه معنىً من الله ونصاً من الرسول؟ مثلا الدكتور مجتهد شبستري طرح سبع مقالات في هذا الموضوع، وكذلك الدكتور سروش له أربع مقالات جديدة نشرها على موقعه حول: هل هذا القرآن الذي نقرأه قرآن جاء من الله على لسان النبي بشكل مباشر أو عبر الرؤية لتتجسّد المعاني في الرؤية وهو بدوره يجسّدها في نصّ، ومع ذلك نجد أنّه لم يقل أحد عنه بأنّه كافر أو خرج عن الدين، ولا أحد قال له شيئاً كما يحصل في مجتمعنا.
الشيخ مرتضى مطهري في محاضرته حول الشكّ يقول فيها: أحد أهم مقدّمات اليقين، وأحد أهم مقدّمات الوعي في المجتمع أن يكون الشكّ إيجابياً، يعني يقدّم الشكوك بطريقة إيجابية من خلال طرح أسئلة جادّة و محاولة الإجابة عليها.
س7: هل تعتقد بأن هناك عدداً كافياً من المتنوّرين لتغيير المجتمع؟
ج7: الإصلاح في المجتمعات في الكثير من الحالات لا يستوجب قناعة كافة الجماهير. لو قرأت التاريخ فلن تجد بأنّ هناك حركة تغيير كانت تحظى برضا الجماهير بكلّ طبقاتها وبكافّة أشكالها وبالخصوص في بداياتها، فمثلاً في تجربة المقاومة الفرنسيّة في باريس ضدّ النازيين، من الذي كان يمارس المقاومة؟ كان يمارسها أفراد محدودون جداً، طبقة محدودة جداً، وأما غالبيّة الناس فإنّها رضخت للاحتلال وعاشت حياتها بشكل طبيعي، وهكذا غيرها من التجارب، ففي البدايات ينبغي أن تكون هناك طبقة معينة، ومن ثم مع مرور الزمن تستطيع هذه الطبقة إقناع الناس بأن يخلقوا حالةً جماهيرية تستوعب ذلك. لذا أرجع وأقول بأنّ أيّ حركة تغيير اجتماعي لا تستطيع أن تقنع كلّ هذه الجماهير بشكل مباشر، فلو استطعت أن تخلق طبقة معيّنة تؤمن بهذا المشروع وبهذه الفكرة أولاً، ومن ثم تستطيع من خلال هذه الطبقة إنشاء بيئة حاضنة تجذب الجماهير نحو هذا المشروع، وهذه الفكرة.
أنا أرى المجتمع مهموماً بلحظته؛ لأنّه لا يملك زمام أمره، لأضرب مثالاً عام 1990م لما سقط حائط برلين، الأمريكان قالوا: نحن سيطرنا على العالم. اليوم انتهى التاريخ نحن اليوم في الحضارة الغربيّة الليبرالية نسيطر على العالم، هذا ما قاله فوكوياما في كتابه (نهاية التاريخ)، وهذه ما أسموه بالعولمة، بمعنى أنّه ينبغي أن يكون النموذج الغربي هو النموذج المحتذى، من الذي كتب ضدّ العولمة أكثر من أيّ شعب آخر؟ العرب، كتبوا آلاف المجلدات في ذلك، لماذا؟ لأنّهم يخافون العولمة؛ لعدم امتلاكهم لزمام العولمة، لا يستطيعون أن يكونوا فاعلين في العولمة، وقد سأل شخص أحد اليابانيين: أنتم لا تخافون من العولمة وتأثيرها عليكم؟ فأجابه: ما هي العولمة؟ نحن نصنع العولمة ولا يوجد هناك داعٍ للخوف منها. ولذلك فإنّ الناس لا تملك زمام أمرها الفكري والتقني والمدني والحضاري، لأنّ الصانع والفاعل والمؤثر في حياتها خارج عن إرادتهم، وأما الذي يملك زمام أمره ويستطيع أن يصنع المستقبل فلا تجد عنده هذه المخاوف.
كلمة الختام
وفي الختام كانت للدكتور اللويمي كلمة مختصرة جاء فيها: “أشكركم على الاستضافة في هذا المنتدى، وأشكر الإخوان على الحماس في التفاعل مع الأفكار المطروحة والذي أتمنى أن تبقى هذه النقاط والقضايا التي تمّ معالجتها وإمضاء الوقت في طرحها والأخذ والردّ فيها موضع الاهتمام، لأننا نعاني من التعامل مع قضايانا بالعنوان الاحتفالي، بل يجب أن ننتقل من مستوى العمل الاحتفالي إلى العمل الجادّ، وبالتالي حتى تأخذ هذه المعالجات حالةً من التراكم وحالةً من الاهتمام، وبالتالي نجد ونلمس أثراً لها إن شاء الله”.
السيرة الذاتية للدكتور أحمد اللويمي
الاسم: أ. د. أحمد بن محمد إبراهيم اللويمي
الوظيفة: أستاذ علم المناعة بكليّة الطبّ البيطري بجامعة الملك فيصل بالأحساء.
المشاركات الثقافيّة:
المشاركة في منتدى سيهات الثقافي في ندوة بعنوان: المواطنة قراءة في المفهوم والتحدّيات، يوم الاثنين ١٦/١١/٢٠١٥م.
أحدية الدكتور راشد المبارك: في مراجعة لكتاب: أسس التقدّم لمفكّري الإسلام، للدكتور فهمي جدعان، شعبان 1424هـ.
منتدى الثلاثاء للأستاذ المهندس جعفر الشايب في القطيف، المحاضرة هي: المرجعيّة الفكرية للمجتمع، سبل تأسيسها وتفعيلها.
مقالات و دراسات:
مقال بعنوان: الجدل في تويتر: قراءة في أشكال التواصل حول القضايا الساخنة، مجلّة الكلمة، العدد ٨٩، للعام ١٤٣٦/٢٠١٥م.
في العدد الخاصّ برحلة العلامة السيد فضل الله لمجلّة الاجتهاد والتجديد.
الكتب المطبوعة:
كلمات لما وراء الزمن
الاوقاف الجعفرية بالأحساء: واقعها، وسبل تنميتها وتحديث تطبيقاتها.
التحوّلات الفكريّة والاجتماعية في الأحساء، دار جواثا للنشر، 1430هـ.
إحياء عاشوراء منهج ورسالة.
المجتمع الأحسائي المعاصر، مركز المسبار للدراسات والبحوث.
الترجمة:
ترجمة مقال للمفكّر الدكتور عبد الكريم سروش (مفهوم الحكومة الدينية)، مجلّة الاجتهاد والتجديد.
ترجمة مقال لشمس الواعظين، بعنوان: المهمة العسيرة بعد غياب المفكّرين، المجلّة العربيّة.
المشاريع الاجتماعيّة التطوّعية:
عضو ومؤسّس لمجموعة إثراء للدراسات الاجتماعيّة منذ عام ١٤٣٠/٢٠٠٩م.
المجموعة معنيّة بدراسة القضايا الاجتماعيّة الحسّاسة من خلال الأساليب العلميّة المعتمدة في علم الاجتماع كالدراسات الميدانيّة المسحيّة، وقد تمّ طباعة مجموعة من دراساتها مثل:
أسباب الطلاق في المجتمع الأحسائي، تحت تحضير التقرير النهائي
تشجيع كرة القدم ودوره في التنمية الذاتيّة لطلاب وطالبات الثانويّة العامة
العمل التطوّعي الصحي في الأحساء
العمل التوعي في الأحساء بين التسرّب والعزوف
الزواج الجماعي في العمران
دراسة لحالة حديثي الزواج
الإعلام:
مشاركات واسعة في الصحف المحلّية والخليجيّة من مقالات ومقابلات، ومقابلات تلفزيونيّة وإذاعيّة.
المصدر: موقع المطيرفي
http://www.almoterfy.com/site/index.php?lang=ar&act=showNews&module=news&id=5984#.WAB3q8m8bcu