الدرس الرابع
تمّ البحث في هذا الدرس حول:
5 ـ قراءة الفلسفة الصدرائيّة لظاهرة الوحي
تبيين بعض أركان وأسس وعناصر القراءة الصدرائيّة
أوّلاً: أخذ الفلسفة الصدرائيّة لنظريّة الوحي من كبار فلاسفة المشاء، وإجرائها تعديلات وإضافات جوهريّة فيها، خاصّة بالاعتماد على منجزات الفلسفة الإشراقيّة من جهة والعرفان النظري من جهة ثانية.
ثانياً: حضور الأوجه الثلاثة في الفلسفة الصدرائيّة في سياق تفسير الوحي: الوجه الكلامي والفلسفي والعرفاني.
ثالثاً: محوريّة المبادئ الثلاثة في القراءة الآفاقيّة الأنطولوجيّة (علم الكونيات العام)، وهي:
أ ـ مبدأ تثليث العوالم: بإضافة عالم المثال المنفصل، بوصفه عالماً برزخيّاً بين المجرّدات المفارقة وعالم المادّة، وهو ما أخذته الصدرائيّة من الإشراقيّين (نقل كلام للملاصدرا في نقد المشائين في الموضوع).
ب ـ مبدأ التطابق أو المحاكاة: إنّ العلاقة بين العوالم الثلاثة عليّة إحاطيّة، وما في كلّ عالم له ظهور في العالم الآخر متناسب مع رتبته الوجوديّة.
ج ـ مبدأ التنزّل والاشتداد
تأثر هذه المبادئ الثلاثة بنظريّة أصالة الوجود والوحدة التشكيكيّة ومقولات العرفاء في قضيّة التجلّي والظهور.
لقد اعتبر الإشراقيون والصدرائيّون أنّ هذه المبادئ بمثابة فتوحات علميّة، حلّوا من خلالها نظريّة الوحي.
رابعاً: البعد الأنفسي في الفلسفة الصدرائيّة أو علم الإنسان الفلسفي (تأسيس مبدأ الموازاة)
مقولة الإنسان الكامل، وقوس الصعود، والحضور في العوالم المختلفة، ومبدأ: لا يشغله شأن عن شأن.
خامساً: اعتماداً على كلّ ما تقدّم، اعتبرت الفلسفة الصدرائيّة أنّ الوحي ليس سوى العلم الإلهي، الذي يتنزّل في العوالم، عابراً عالم العقول والمثال المنفصل وصولاً نحو المادّة، وأنّ النبيّ يحقّق المكالمة الحقيقيّة في العالم العقلي في رحلة الصعود، ويشاهد في رحلة العودة تجلّيات ما رأى في العوالم المختلفة، بما فيها عالم المثال، وظهور الصور والصحف والملاك وسماع الأصوات وغير ذلك.
بهذه الطريقة اعتبرت الفلسفة الصدرائيّة أنّها تخطّت ورطة الخيال المتصل، التي علق بها بعض المشائين، وأعطت مظاهر الوحي بُعدها الحقيقي، ففسرت ما جاء في النصوص الدينيّة، بوصفها وقائع حقيقيّة.
…