تناولت المحاضرة الأولى من تفسير سورة العاديات عدّة عناوين، منها:
1 ـ اسم السورة وبعض النصوص في فضيلتها.
2 ـ سبب النزول وبيان الرواية التاريخيّة الشيعية في ذلك، وارتباطها بغزوة ذات السلاسل عام8هـ، أو بغزوة ذات الرمل مع الإمام علي بن أبي طالب، وبيان الرواية غير الشيعيّة وأنّ محل نزول السورة لا علاقة له بغزوة ذات السلاسل، وإنّما بسريّةٍ لحيّ من كنانة.
3 ـ هوية السورة من حيث المكيّة والمدنية:
القول الأوّل: إنّها مكيّة، وهو المشهور والمثبت اليوم في المصاحف. ودليله: أ ـ قصر السورة. ب ـ قصر الآيات فيها. ج ـ الشهرة. د ـ تناولها قضايا عامّة وموضوع الآخرة. هـ ـ ارتباطها بالحجّ.
القول الثاني: إنّها مدنيّة، وهو منسوب لابن عباس وغيره، ودليله: أ ـ مضمونها الداخلي الحاكي عن الجهاد. ب ـ روايات أسباب النزول فيها وارتباطها بالمدينة. ج ـ حتى لو قُصد منها الحجّ فلا معنى لفرض نزولها في مكّة؛ لأنّ الحجّ كان ملوّثاً حينها بالشرك فلا يصحّ القسم به.
4 ـ الأصل اللغوي للعاديات من العَدو، وهو التجاوز، ويؤخذ مادياً فيكون بمعنى الركض، ويؤخذ معنوياً فيكون بمعنى العدوان والمعاداة.
5 ـ توجد ستة احتمالات في تفسير العاديات، ومن ثم تفسير كلّ مقاطع القَسَم في السورة:
الاحتمال الأوّل: العاديات هي الفرس الراكضة للجهاد.
الاحتمال الثاني: هي الإبل الجادّة في السير نحو منى للحجّ.
الاحتمال الثالث: هي الراكبون على الفرس أو الإبل للجهاد أو الحجّ.
الاحتمال الرابع: مطلق الراكب في مطلق سفر لتحقيق غاية.
الاحتمال الخامس: مطلق حالة التدافع القتالي بين البشر ولو لم يصدق عليها عنوان الجهاد.
الاحتمال السادس: أخذ الأوصاف وتطبيقها في مختلف المواضع بلا تقييد بأيّ مصداق إطلاقاً.
6 ـ معيار الترجيح بين الاحتمالات يجب أن يقوم على:
أ ـ تناسب معاني مفردات جمل القَسَم في السورة مع المعنى المحتمل.
ب ـ تناسب المعنى المحتمل مع كونه مقسوماً به.
ج ـ تناسب المعنى المحتمل مع المقسوم عليه في المقطع الثاني من السورة.
7 ـ الضبح أنفاس الخيل أو حمحمتها أو شدّة النفس عند العدو السريع، وقيل: لا يطلق الضبح على صوت الإبل، فيكون هذا التعبير مرجّحاً لفكرة الجهاد دون الحجّ في السورة.
8 ـ ضبحاً، حالٌ من العاديات، أي أقسم بالعاديات حال كونها ضابحة، ويحتمل أن تكون مصدراً ومفعولاً مطلقاً للتوكيد.
9 ـ الموريات: الموري من أورى النار أي أشعلها ورفع لهيبها، وقيل: أصل الكلمة سريانية من الإيراء بمعنى الإشعال (أفرأيتم النار التي تورون). ومنه رجّح بعض اللغويّين واللأدباء رجوع كلمة التوراة لهذا المعنى، وتكون بمعنى الضياء والإنارة. ورفض ذلك الكثير من اللغويين والمفسّرين واعتبروها من أصل غير عربي بل عبري، بمعنى التوجيه أو التعاليم.
10 ـ وقوع معركة بين الدارسين القرآنيّين حول وجود كلمات غير عربيّة في القرآن، بين مؤيّد ومعارض، والارجح القبول بمعنى معين.
11 ـ القدح هو إحداث الشرر باصطكاك جسمين، ومعنى الآية: أقسم بتلك التي تُحدث النار مطلقةً الشرر بركضها. وهذا لا يكون إلا في الخيل على الحصى والصخور، لا في الإبل؛ لأنّ الخيل لها نعال، والتعبير بالعاديات ضبحاً والموريات قدحاً كناية عن السرعة والعجلة نحو المقصود، وهو الحج أو الجهاد، فهو مدح لهذا الإسراع في الخير.
12 ـ تحتمل الموريات قدحاً معنى الحجيج الذين يُشعلون في الليل النارَ، ثم يُسرعون أوّل صبح العيد إلى منى، وتحتمل أن يراد بها المجاهدين الذي يشعلون النار الكثير في الليل خدعةً ليظنّ العدو أنّهم كُثُر فإذا بزغ الصبح أسرعوا في الغارة.
13 ـ المغيرات صبحاً: الإغارة هي الهجوم على العدوّ بغتة، وقيل: مطلق الهجوم، وأصلها مأخوذ فيه الإسراع والعجلة، وتقيّدها بالصبح لأنّ الإغارة في الصباح أفضل للرؤية وأفضل من حيث كون العدوّ غير متهيء لذلك، وبهذا تكون كلمة المغيرات مرجّحة لمعنى الخيل والجهاد في السورة، ما لم نأخذ معناها الأصلي، وهو مطلق الإسراع فتشمل الإسراع إلى منى على الإبل.
و…