تناولت المحاضرة السادسة والأخيرة من تفسير سورة العاديات عدّة عناوين، منها:
1 ـ تحديد معنى الخير ـ ومن ثم معنى الآية ـ في قوله: (وإنّه لحبّ الخير لشديد)، وأنّه على وجهين:
الوجه الأوّل: إنّ المراد بالخير هو المال، وقد استخدم في اللغة والقرآن بهذا المعنى (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين..)، وبناء على هذا الوجه تحتمل الآية تفسيرين:
التفسير الأوّل: أن تكون اللام في (لحب) للتعليل، فيكون المعنى: وإنّ الإنسان لأجل حبّ المال شديدٌ، أي بخيل، وذكر المال هنا:
أ ـ قد يكون للمقابلة مع مطلع السورة في حديثها عن الحجيج أو المجاهدين في جُمَل القسم، وما في الجهاد والحجّ من عطاء مالي وغيره: أقسم بالمجاهدين والحجّاج ـ وهم المنفقون لله ـ إنّ الإنسان لبخيلٌ لحبّه للمال (التعرّض في الحديث عن جهاد المال في القرآن والفقه، ومسألة موارد تأمين ميزانيّة الجيش في تصوّرات الفقه الإسلامي الحديث، مع ذكر أربعة موارد ماليّة ذات صلة).
ب ـ وقد يكون للمقابلة مع جُمَل جواب القسم، والمعنى: إنّ الإنسان جاحد بربه متنكّر له غير شاكر، لكنّه محبٌّ في المقابل للمال متعلّق به، فقد ترك الله والآخرة لصالح المال والدنيا!
التفسير الثاني: أن لا تكون اللام في قوله: (لحب الخير) للتعليل، فيكون المعنى: إنّ الإنسان لشديد الحبّ للمال.
سؤال: لماذا استخدم القرآن مفردة (الخير) في توصيف المال مع أنّه يذمّ المال عادةً؟
والجواب: إنّه إمّا لكون المال بالفعل خيراً، لكنّ الإنسان يسيء التصرّف به والعلاقة معه، فيحوّله إلى وبالٍ عليه، كما يحوّل العلمَ نفسه أحياناً ـ وهو نورٌ وضياء ـ إلى وبال وفساد. أو أنّ استخدام القرآن كلمة الخير هنا من باب المجاراة والمحاكاة للسان العربي بدون إضافة أيّ حمولة في المعنى.
الوجه الثاني: أن يراد بالخير مطلق الخير لا خصوص المال، وعليه تفسّر الآية بوجهين:
أ ـ اعتبار الجملة حاليةً، والمعنى: إنّ الإنسان جاحد بربّه والحال إنّه مفطورٌ على حبّ الخير، ولو مشى مع فطرته لما جحد ربَّه، فالويل له مما فعل (تفسير العلامة الطباطبائي).
ب ـ إنّ الإنسان لأجل الله جاحدٌ بالدنيا، وهو مع ذلك نال مقام الشهادة، وإنّه محبٌّ للخير، وهذا ما ينسجم مع كون الآيات في سياق مدح الإنسان لا ذمّه (تفسير السيد الصدر الثاني).
2 ـ استعراض للانقسام الفلسفي والديني حول رؤية الإنسان هل هي تفاؤليّة أو تشاؤميّة؟ بين فريقين:
أ ـ أنصار الرؤية التشاؤميّة: الإنسان سيء الحظّ وعاجز عن النهوض وإصلاح نفسه، ولا يكون صالحاً إلا بتدخّل فيض الله (عرض نظريّة القديس اُوغسطين (430م) المؤثرة في الفلسفة الدينية إلى اليوم، في أنّ خطيئة آدم تسبّبت له بخسارة البصيرة وخسارة الإرادة (تسليم الله الإنسانَ للشيطان ليتحكّم به) وخسارة السلام وشيوع العداوات).
ب ـ أنصار الرؤية التفاؤلية: الإنسان لديه مقوّمات النهوض بما منحه الله من طاقات، فبعمله ينهض، ولم يخسر بصيرته ولا إرادته (عرض الفهم القرآني).
3 ـ شرح آية: (أفلا يعلم إذا بُعثر ما في القبور) ومعنى البعثرة، والتصوير الديني للقيامة ضمن ثنائية: رقاد ونوم ثم قيام ونهوض، واستفادة بعضهم من هذا إنكار البرزخ، والتعليق على سبب استخدام حرف (ما) بدل (من) في الآية.
4 ـ معنى تحصيل ما في الصدور، وأسباب التركيز على الصدر واستخراج ما فيه وتمييزه، وأنّ قيمة العمل تتأثر بنوعيّة النيّة والقصد، وأنّ حقيقة الإنسان هي في باطنه المخفي، وأنّ عالم الآخرة هو عالم التعامل مع الباطن لا الظاهر كما في الدنيا (ونقل كلام للشيخ حسن زاده آملي هنا).
5 ـ شرح آية: (إنّ ربهم بهم يومئذٍ لخبير)، وهل لكلمة (يومئذٍ) دلالة معيّنة؟
و..