إذا كان الحيوان حلال الأكل بذاته ومذكّى أيضاً فإنّ جميع أجزائه يجوز أكلها مبدئيّاً. غير أنّ الفقه الإسلامي استثنى من الحيوان المذكّى حلال الأكل مجموعةَ أجزاء حكم بحرمتها، ووقع خلاف كبير بين المذاهب الفقهيّة الإسلاميّة حول هذا الموضوع، بل إنّ تتبّع الآراء في المذهب الإمامي لوحده يؤكّد لنا وجود أكثر من ثمانية آراء في عدد الأشياء المحرّمة وتحديدها.
وعمدة ما طرحوه من مستَثنيات ـ على اختلافات بينهم كما قلنا ـ هي حرمة: الدم؛ والروث؛ والقضيب؛ والفرج؛ والمشيمة؛ والغدد وهي كلّ عقدة في الجسم مدوّرة شبه البندق يكون بها شحمٌ عادةً؛ والبيضتان أو الخصيتان؛ وخرزة الدماغ وهي حبّة بقدر الحمصة في وسط الدماغ؛ والنخاع وهو خيط أبيض كالمخّ في وسط فقار الظهر؛ والعلباوان وهما عصبتان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب؛ والمرارة؛ والطحال؛ والمثانة وهي مجمع البول؛ وحدقة العين وهو سواد العين الناظر منها لا جسم العين كلّه؛ وذات الأشاجع وهي أصول الأصابع المتصلة بعصب ظاهر الكفّ أو العصب الممدود؛ والرّحِم؛ والأوداج. وحكم بعضٌ بكراهة أكل الكليتين وآذان الفؤاد. هذا في غير الطيور والسمك والجراد، أمّا الطيور فذكر بعضهم أنّه يحرم منها: الدم والرجيع، بل توسّع بعضهم أكثر فيها أيضاً، ومال جماعة إلى تحريم حتى رجيع السمك ودمه ورجيع الجراد.
والذي توصّلتُ إليه ـ بنظري القاصر ـ هو حليّة جميع ذلك عدا الدم والطحال، فيحرمان، سواء كانا من شاةٍ أم غيرها، حيواناً بريّاً كان أم بحريّاً أم جويّاً، صدق عليه عنوان الذبيحة أم لم يصدق. ومقتضى الاحتياط الشديد هو تجنّب الغدد مطلقاً، وكذلك مقتضى هذا الاحتياط هو تجنّب الخصيتين والقضيب والنخاع من مطلق الذبيحة دون غيرها، فهو حلال. وكلّ ما سوى ذلك فهو حلال مطلقاً بلا كراهة أيضاً مثل المثانة والكليتين والمرارة والفرث والفرج وآذان الفؤاد والمشيمة وحدقة العين وذات الأشاجع وخرزة الدماغ والعلباوان والرحم والأوداج والظلف والشعر والجلد والقرن وغير ذلك.
راجع بحث «محرّمات الذبيحة أو مستثنياتها»، والمنشور في كتابي المتواضع (فقه الأطعمة والأشربة 2: 217 ـ 246، الطبعة الأولى، 2020م).
حيدر حبّ الله
الأربعاء 6 ـ 10 ـ 2021م