ذهب جمهور فقهاء المسلمين من غير الشيعة إلى أنّ نهاية وقت الصيام وبداية وقت صلاة المغرب ونهاية الوقوف بعرفات ونحو ذلك.. هو سقوط قرص الشمس، أمّا عند الإماميّة فقد وقع هذا الموضوع موقع الخلاف منذ قديم الأيّام، وظهرت فيه عدّة اتجاهات أبرزها:
الاتجاه الأوّل: وهو الذي يرى أنّ الغروب يكون بذهاب الحمرة المشرقيّة، أو تكون الحمرة المشرقيّة كاشفاً عن تحقّق الغروب حقيقةً، والشرع يُلزم بهذا الكاشف. وقد ذهب إلى هذا الرأي أو نُسب إلى الكثير من العلماء إمّا بنحو الفتوى أو بنحو الاحتياط الوجوبي. وقد ظهر لي بالدراسة التاريخيّة للموضوع أنّ هذا الرأي أخذ بالحضور الجادّ منذ القرن السابع الهجري، ونادراً ما نجد له أنصاراً قبل ذلك.
الاتجاه الثاني: وهو الذي يرى تحقّق الغروب شرعاً بسقوط قرص الشمس، وممّن ذهب إلى هذا الرأي أو نسب إليه، العديدُ من العلماء المتقدّمين، بل وبعض المتأخّرين من أمثال: العلامة المجلسي، والفيض الكاشاني، والوحيد البهبهاني، والمحقق النراقي، والشيخ رضا الهمداني، والشيخ محمد حسن النجفي، والسيد محمّد الروحاني، والسيد محمد سعيد الحكيم، والسيد محمد حسين فضل الله، والشيخ محمّد تقي بهجت، والسيّد محمود الهاشمي، والشيخ يوسف الصانعي، وغيرهم. هذا، وقد رجّح هذا الرأي ـ علميّاً ـ السيدُ الخوئي والشيخ الفياض وغيرهما، وإن احتاطوا وجوباً في التأخير لذهاب الحمرة المشرقيّة.
وبهذا يتبيّن لدينا أنّ المتقدّمين من علماء الإماميّة كانوا أكثر ميلاً للحكم بالغروب بسقوط القرص، فيما بدأ رواج القول بالحكم بالغروب بذهاب الحمرة بشكل فاعل في القرن السابع الهجري وما بعد، ليعود الرأي بمعياريّة سقوط القرص يظهر بقوّة مجدّداً في القرنين الأخيرين.
والذي توصّلتُ إليه هو تحقّق الغروب بسقوط القرص سقوطاً تامّاً، ويمكن ترتيب الأثر بشرط أن يُعلم ذلك بنحو اليقين، فلو شكّ لزمه الانتظار لوقت ذهاب الحمرة المشرقيّة. ومع تطوّر العلم اليوم يصبح الشكّ حالةً قليلة.
راجع بعض الإشارات لهذا الموضوع في كتابي المتواضع (إضاءات في الفكر والدين والاجتماع 3: 404 ـ 407؛ و 4: 408 ـ 409، الطبعة الأولى، 2014م).
حيدر حبّ الله
الثلاثاء 5 ـ 10 ـ 2021م