يذهب الكثير من الفقهاء المتأخّرين على زمن العلامة الحلّي (726هـ) إلى أنّه لو أفطر الصائم على محرّم كالزنا أو أكل الطعام المغصوب أو شرب الخمر أو نحو ذلك، لزمه كفارة الجمع، بمعنى عتق رقبة مع إطعام ستين مسكيناً مع صيام شهرين متتابعين، ولا يكفيه أحد هذه الأمور الثلاثة.
ويظهر بالمراجعة التاريخيّة أنّ هذا الرأي ظهر بجدّية منذ زمن العلامة الحلّي، وأنّ المشهور قبله كان الكفارة التخييريّة وليس كفارة الجمع.
غير أنّه ومنذ مطلع القرن العشرين تقريباً حدث تحوّل واضح في المواقف الفقهيّة، وذلك على خطّين:
الخطّ الأوّل: عدم الإفتاء بكفارة الجمع في الإفطار على الحرام، واستبداله بالاحتياط الوجوبي مع وجود مناقشات في البحوث العلمية حول دليل كفارة الجمع وعدم اقتناعهم به. ومن هؤلاء العلماء الذين احتاطوا وجوباً: الميرزا النائيني، والسيد الخوئي، والسيد محمّد الروحاني، والسيد الخميني، والشيخ المنتظري، والشيخ فاضل اللنكراني، والشيخ محمد تقي بهجت، والشيخ عبد الله جوادي الآملي، والشيخ الوحيد الخراساني، والسيد محمود الهاشمي، وغيرهم.
الخطّ الثاني: الإفتاء بكفاية الكفارة التخييريّة، مع الاحتياط الاستحبابي بكفّارة الجمع، ومن هؤلاء العلماء: السيّد كاظم الحائري، والسيد علي السيستاني، والسيّد محمّد حسين فضل الله، والشيخ محمّد إسحاق الفياض، وغيرهم.
والذي توصّلتُ إليه بنظري القاصر عدم ثبوت كفارة الجمع في الإفطار على الحرام، بل الكفارة فيه كالكفارة في غير الحرام؛ إذ عمدة الدليل هنا حوالي ثلاث روايات آحاديّة، بعضُها لا دلالة فيه، وبعضُها الآخر ضعيف الإسناد، إضافة لمناقشات أخرى.
حيدر حبّ الله
الخميس 28 ـ 10 ـ 2021م