يظهر اتفاق الفقه الإسلامي بمدارسه المختلفة تقريباً على وجوب صلاة الآيات عند كسوف الشمس وخسوف القمر، لكنّ الكلام وقع في غيرهما. وما سنتحدّث عنه هنا هي صلاة الآيات عند الزلزلة خاصّة (أي عند الرجفة وهي: الزلازل والهزّات الأرضيّة).
فقد ذهب الكثير من فقهاء الإماميّة إلى أنّ من الأسباب الموجبة لصلاة الآيات وقوع الزلازل والهزّات الأرضيّة، بلا فرقٍ فيها في العادة بين ما يصطلح عليه اليوم بالزلزال الأصل وبالهزّات الارتداديّة. فيما مال جمهور فقهاء أهل السنّة لعدم الوجوب في الزلزال والهزّات ونحوها ـ عدا الخسوف والكسوف ـ وانقسموا بين من قال بكون صلاة الآيات عند الزلزلة مندوبة ومن قال بكونها لا واجبة ولا مندوبة.
لكنّ العديد من فقهاء الإماميّة المتقدّمين لم يشيروا لوجوب صلاة الآيات عند الزلزلة، لا سلباً ولا إيجاباً. وفي العصر الحديث ناقش العديد من الفقهاء في وجوب صلاة الآيات عند الزلزلة، واحتاط بعضهم وجوباً هنا دون أن يفتي، مثل: السيد محمّد باقر الصدر، والسيّد محمّد الروحاني، والسيّد علي السيستاني، والسيد محمّد سعيد الحكيم، والشيخ محمّد إسحاق الفيّاض، وغيرهم. ويظهر من الرسالة العمليّة للسيد الخوئي الفتوى بالوجوب، لكنّه في بحوثه العلميّة لم يوافق على وجود دليل يثبت وجوب صلاة الآيات عند الزلزلة، ولعلّ أحدهما عدول عن الآخر.
والذي توصّلت إليه ـ والعلم عند الله ـ هو عدم ثبوت وجوب صلاة الآيات عند الزلزلة، سواء كانت الزلزلة مخوفةً أو غير مخوفة، وإنّما هو مقتضى الاحتياط الاستحبابي فقط. وهذا الاحتياط الاستحبابي يتأكّد ـ دون أن يبلغ رتبة الوجوب ـ في حال كونها مخوفة.
والأدلّة الدالّة هنا غير تامّة سنداً أو دلالةً أو لا ترقى لمستوى الدليل الحجّة المعتبر، والتفصيل في محلّه.
حيدر حبّ الله
الأربعاء 22 ـ 2 ـ 2023م