المتداول بين العديد من الفقهاء المتأخّرين أنّ المصلّي إذا أراد أن يقرأ البسملة بعد قراءة الفاتحة، فإنّ عليه أن يعيّن أنّ البسملة التي سيقرأها ينوي بها الشروع بقراءة أيّ سورة؟ فمثلاً لو انتهى من سورة الحمد وقرأ البسملة ولم ينوِ بعدُ قراءة سورة لاحقة بعينها، أو قرأ البسملة بنيّة أنّه يريد أن يقرأ سورة الإخلاص، لكنّه بعد الانتهاء من البسملة قرأ سورة الكافرون مثلاً.. فهنا يجب عليه إعادة البسملة، ولهم في ذلك استدلالات وتقريبات تحليليّة.
والمراجعة التاريخية تعطي أنّ هذا الموضوع بدأ يظهر عند الإماميّة بجدّية أواخر القرن السابع الهجري وبدايات القرن الثامن، وقد انقسم الفقهاء إلى فريقين:
الفريق الأوّل: وقد اعتبر أنّ البسملة لا يجب فيها نيّة سورة بعينها، بل يمكنه العدول لسورة أخرى بلا حاجة لإعادة البسملة، وإن احتاط بعض هؤلاء استحباباً.
الفريق الثاني: وقد تحفّظ على ذلك ولم يرَ ذلك مجزياً.
وتعدّ هذه المسألة ـ برأيي المتواضع ـ من تجلّيات الذهنيّة التحليليّة ذات النمط الفلسفي، والتي انعكست في البحوث الفقهيّة عند المتأخّرين.
والذي توصّلتُ إليه هو صحّة ما قال به الفريق الأوّل، وهو عدم وجوب تعيين السورة قبل الشروع في البسملة، وحتى لو عيّن سورة ثم عدل إلى غيرها بعد قراءة البسملة لم يلزمه إعادة البسملة، بلا فرقٍ في ذلك بين الحمد والسورة التي تليها، وبلا فرق في ذلك أيضاً بين القول بجزئيّة البسملة لغير سورتَي: الحمد والنمل وعدمه.
حيدر حبّ الله
الأربعاء 15 ـ 9 ـ 2021م